للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المأمورون بالتفسح السامعون للأوامر المبادرون إليها بطاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيامهم في مجلسهم وتوسعهم لإخوانهم {والذين أوتوا العلم درجات} يجوز أن يكون معطوفاً على الذين آمنوا فهو من عطف الخاص على العام فإنّ الذين أوتوا العلم بعض المؤمنين، ويجوز أن يكون والذين أوتوا العلم من عطف الصفات أي: تكون الصفتان لذات واحدة كأنه قيل: يرفع الله المؤمنين العلماء ودرجات مفعول ثان، وقال ابن عباس: تمّ الكلام عند قوله تعالى: {منكم} وينتصب الذين أوتوا بفعل مضمر أي: ويخص الذين أوتوا العلم درجات أو ويرفع درجات.

قال المفسرون: في هذه الآية أنّ الله تعالى رفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم، قال ابن مسعود مدح الله تعالى العلماء في هذه الآية، والمعنى: أنّ الله تعالى يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم إذا فعلوا بما أمروا به وقال تعالى: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر: ٩)

وقال تعالى: {وقل رب زدني علماً} (طه: ١١٤)

وقال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر: ٢٨)

والآيات في ذلك كثيرة معلومة

وأمّا الأحاديث فكثيرة مشهورة منها من «يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» وروي أنّ عمر رضى الله عنه «كان يقدّم عبد الله بن عباس على الصحابة رضي الله تعالى عنهم فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه فسألهم عن تفسير {إذا جاء نصر الله والفتح} فسكتوا فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه فقال عمر ما أعلم منها إلا ما تعلم» .

ومنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله ما لا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» والمراد بالحسد: الغبطة: وهي أن تتمنى مثله ومنها أنه صلى الله عليه وسلم «قال لعليّ كرّم الله وجهه: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم» ومنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من جاءه أجله وهو يطلب العلم لحيي به الإسلام لم يفضله النبيون إلا بدرجة واحدة» ومنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة» .

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب. وفي رواية كفضلي على أدناكم» .

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الله أوحى إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أني عليم أحب كل عليم» .

ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء» فأعظم بمنزلة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومنها: «أنه صلى الله عليه وسلم مرّ بمجلسين في مسجده أحد المجلسين يدعون الله تعالى ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون لله عز وجل ويرغبون إليه، وأما هؤلاء فيتعملون الفقه ويعلمونه الجاهل فهؤلاء أفضل، وإنما بعثت معلماً ثم جلس فيهم» والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً.

وأمّا أقوال السلف فلا تحصر، فمنها ما قاله ابن عباس: أن سليمان عليه السلام خير بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه، وما قاله بعض الحكماء: ليت شعري أي شيء أدرك

<<  <  ج: ص:  >  >>