وقال ابن الزبير: الشفع الحادي عشر والثاني عشر من أيام منى، والوتر الثالث عشر. وقال الضحاك: الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاثة. وقيل: الشفع والوتر آدم عليه السلام كان وتراً فشفع بزوجته حوّاء، حكاه القشيريّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقرأ حمزة والكسائيّ بكسر الواو والباقون بفتحها وهما لغتان الفتح لغة قريش ومن والاها والكسر لغة تميم.
وقوله تعالى:{والليل إذا يسر} قسم خامس بعدما أقسم بالليالي العشر على الخصوص أقسم به على العموم، ومعنى يسر سار وذهب كما قال الله تعالى:{والليل إذا أدبر}(المدثر: ٣٣)
. وقال قتادة: إذا جاء وأقبل وقيل: معنى يسر، أي: يسري فيه كما يقال: ليل نائم ونهار صائم، ومنه قوله تعالى:{بل مكر الليل والنهار}(سبأ: ٣٣)
وقرأ نافع وأبو عمرو بإثبات الياء بعد الراء وصلاً لا وقفاً، وأثبتها ابن كثير في الحالين، وحذفها الباقون في الحالين لسقوطها في خط المصحف الكريم وإثباتها هو الأصل لأنها لام فعل مضارع مرفوع، ومن فرق بين حالتي الوقف والوصل فلأنّ الوقف محل استراحة وسئل الأخفش عن العلة في سقوط الياء فقال: الليل لا يسري ولكن يسري فيه فهو مصروف فلما صرفه تجنبه حظه من الإعراب كقوله تعالى: {وما كانت أمك بغياً}(مريم: ٢٨)
ولم يقل بغية، لأنه صرفه عن باغية وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم والجواب محذوف تقديره: لتعذبن يا كفار مكة بدليل قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد} إلى قوله تعالى: {فصبّ عليهم ربك سوط عذاب إنّ ربك لبالمرصاد} وما بينهما اعتراض.
وقوله تعالى:{هل في ذلك} ، أي: القسم والمقسم به {قسم} ، أي: حلف أو محلوف {لذي حجر} استفهام معناه التقرير، كقولك: ألم أنعم عليك إذا كنت قد أنعمت أو المراد منه التأكيد لما أقسم عليه كمن ذكر حجة بالغة، ثم قال: هل فيما ذكرته حجة والمعنى: إنّ من كان ذا لب علم أنّ ما أقسم الله تعالى به هذه الأشياء فيه عجائب ودلائل على التوحيد والربوبية فهو حقيق بأن يقسم به لدلالته على خالقه والحجر العقل لأنه يحجر عن التهافت فيما لا ينبغي كما يسمى عقلاً ونهية لأنه يعقل وينهى وحصاه من الإحصاء وهو الضبط. وقال الفراء: يقال إنه لذو حجر إذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها.
وقوله تعالى:{ألم تر} خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولكن المراد به العموم والمراد بالرؤية العلم، أي: ألم تعلم يا أشرف رسلنا {كيف فعل ربك} ، أي: المحسن إليك بأنواع النعم {بعاد}{إرم} وهو ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، ثم إنهم جعلوا لفظ عاد اسماً للقبيلة كما يقال لبني هاشم: هاشم، ولبني تميم: تميم، ثم قيل: للأوّلين منهم عاد الأولى، وإرم تسمية لهم باسم جدهم ولمن بعدهم عاد الأخيرة. فإرم في قوله تعالى:{عاد إرم} عطف بيان لعاد وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة وقيل: إرم بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها. وقوله تعالى:{ذات} ، أي: صاحبة {العماد} فينظر فيه إن كانت صفة للقبيلة فالمعنى: أنهم كانوا بدويين أهل عمد وطوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة. وقيل: ذات البناء الرفيع وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى: أنها ذات أساطين وروي أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال: أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من