للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مائدة عيسى، وقيل: كلا المسخين في أصحاب السبت مسخت شبانهم قردة ومشايخهم خنازير.

روي أنها لما نزلت كان المسلمون يعيرون اليهود ويقولون: يا إخوة القردة والخنازير فينكسون رؤوسهم وقوله تعالى: {وعبد الطاغوت} عطف على صلة من كأنه قيل: ومن عبد الطاغوت وقرأ حمزة بضم باء عبد وكسرتاه الطاغوت على أنه اسم جمع لعبد عطف على من والباقون بنصب الباء من عبد والتاء من الطاغوت والطاغوت الشيطان أو العجل لأنه معبود من دون الله ولأنّ عبادتهم للعجل مما زينه لهم الشيطان فكانت عبادتهم له عبادة للشيطان وهو الطاغوت، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الطاغوت الكهنة وكل من أطاعوه في معصية الله تعالى.

تنبيه: روعي في منهم معنى من وفيما قبلها لفظها وهم اليهود {أولئك} أي: الملعونون الممسوخون {شرّ مكاناً} لأنّ مأواهم النار وجعلت الشرارة للمكان وهي لأهله وفيه مبالغة ليست في قولك أولئك شر ومكاناً تمييز {وأضل عن سواء السبيل} أي: طريق الحق وأصل السواء الوسط.

فإن قيل: ذكر شر وأضلّ يقتضي مشاركة المؤمنين والكفار في الشرّ والضلال وإنّ الكفار أشرّ وأضل مع أنّ المؤمنين لم يشاركوا الكفار في شيء من ذلك أجيب: بأنّ مكان هؤلاء في الآخرة شر وأضل من مكان المؤمنين في الدنيا لما يلحقهم فيها من الشرّ والضلال الحاصل لهم بالهموم الدنيوية كسماع الأذى وغيره، أو إنّ ذلك على سبيل التنزل والتسليم للخصم على زعمه إلزاماً بالحجة وهذا أولى.

ونزل في يهود نافقوا النبيّ صلى الله عليه وسلم.

{وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد} أي: قالوا ذلك والحال إنهم قد {دخلوا} إليكم متلبسين {بالكفر وهم قد خرجوا} من عندكم متلبسين {به} أي: الكفر كما دخلوا لم يتعلق بهم شيء مما سمعوا به من تذكيرك بآيات الله ومواعظك {وا أعلم بما كانوا يكتمون} من الكفر وغيره في جميع أحوالهم من أقوالهم وأفعالهم وفي هذا وعيد لهم.

{وترى كثيراً منهم} أي: اليهود أو المنافقين {يسارعون} أي: يقعون سريعاً {في الإثم} أي: الكذب بدليل قوله تعالى عن قولهم الإثم {والعدوان} أي: الظلم وقيل: الإثم ما يختص بهم والعدوان ما يتعدّى إلى غيرهم {وأكلهم السحت} أي: الحرام كالرشا {لبئس ما كانوا يعملون} عملهم هذا.

{لولا} هلا {ينهاهم} أي: يجدّد لهم النهي {الربانيون} أي: المدّعون للتخلي من الدنيا إلى سبيل الرب {والأحبار} أي: العلماء {عن قولهم الإثم} أي: الكذب {وأكلهم السحت} أي: الحرام هذا تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك فإن لولا إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المضارع المستقبل أفاد التحضيض {لبئس ما كانوا يصنعون} ترك نهيهم.

فإن قيل: لم عبّر في الأوّل بـ

[يعملون] وفي الثاني بـ

[يصنعون] ؟ أجيب: بأنّ كل عامل لا يسمّى صانعاً ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب ولذلك ذم بهذا خواصهم ولأنّ ترك الإنكار على المعصية أقبح من مواقعة المعصية لأنّ النفس تلتذ بها وتميل إليها، ولا كذلك ترك الإنكار عليها فكان جديراً بأبلغ الذمّ فيدخل في الذمّ كل من كان قادراً على النهي عن المنكر من العلماء أو غيرهم وتركه، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هي أشد آية نزلت في القرآن، وعن الضحاك ما في القرآن آية أخوف عندي منها.

{وقالت اليهود} مما ضيّق عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>