بيوتها ورحبها وسائر أمرها من اختلاف ألوان ما يخرج منها من أعسالها وجعله شفاء مع أكلها من الثمار النافعة والضارة وغير ذلك من الأمور ووسمها بالنعم واضح وهي مائة وثمانية وعشرون آية وألفان وثمانمائة وأربعون كلمة وعدد حروفها سبعة آلاف وسبعمائة وسبعة أحرف.
{بسم الله} أي: المحيط بدائرة الكمال فما شاء فعل {الرحمن} أي: الذي عمت نعمته جليل خلقه وحقيره صغيره وكبيره. {الرحيم} أي: الذي خص من شاء بنعمته النجاة مما يسخطه بما يراه وقوله تعالى:
{أتى أمر الله} فيه وجهان أحدهما أنه ماض لفظاً مستقبل معنى إذ المراد به يوم القيامة وإنما أبرزه في صورة ما وقع وانقضى تحقيقاً له ولصدق المخبر به. والثاني: أنه على بابه والمراد مقدّماته وأوائله وهو نصر رسوله صلى الله عليه وسلم أي: جاء أمر الله ودنا وقرب فإنه يقال في الكلام المعتاد أنه قد أتى ووقع إجراء لما يجب وقوعه مجرى الواقع. يقال لمن طلب الإعانة وقرب حصولها: جاءك الغوث، أي: أتى أمر الله وعداً {فلا تستعجلوه} وقوعاً قبل مجيئه فإنه واقع لا محالة روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى» . قال ابن عباس: كان مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة. ولما مرّ جبريل بأهل السموات مبعوثاً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قامت الساعة. وروي أنه لما نزلت {اقتربت الساعة} قال (القمر، ١)
قال الكفار بعضهم لبعض: إنّ هذا، أي: محمداً صلى الله عليه وسلم يزعم أنّ القيامة قد اقتربت فأمسكوا عن بعض ما تقولون حتى ننظر ما هو كائن، فلما تأخرت قالوا: ما نرى شيئاً فنزل {اقترب للناس حسابهم}(الأنبياء، ١)
فاشفقوا وانتظروا فلما امتدّت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوّفنا به فنزل {أتى أمر الله} فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزل {فلا تستعجلوه} فاطمأنوا فكأن الكفار قالوا: سلمنا لك يا محمد إلا أنا نعبد هذه الأصنام لتشفع لنا عند الله تعالى فتخلصنا من هذا العذاب المحكوم به فأجابهم الله تعالى بقوله تعالى: {سبحانه} أي: تنزيهاً له {وتعالى عما يشركون} أي: تبرأ سبحانه وتعالى بالأوصاف الحميدة عن أن يكون له شريك في ملكه. وقرأ حمزة والكسائي أتى بالإمالة، وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح. وقرأ حمزة والكسائي عما يشركون في الموضعين بالتاء على وفق قوله فلا تسعجلوه والباقون بالياء على الغيبة على تلوين الخطاب أو على أنّ الخطاب للمؤمنين أو لهم ولغيرهم. ولما أجاب سبحانه وتعالى الكفار عن شبهتهم بقوله تنزيهاً لنفسه عما يشركون وكان الكفار قالوا: هب أنّ الله تعالى قضى على بعض عبيده بالشرّ وعلى آخرين بالخير ولكن كيف يمكنك أن تعرف هذه الأمور التي لا يعلمها إلا الله تعالى؟ وكيف صرت بحيث تعرف أسرار الله تعالى وأحكامه في ملكه وملكوته فأجابهم الله تعالى بقوله:
{ينزل الملائكة} قال ابن عباس: يريد بالملائكة جبريل وحده. قال الواحدي: يسمى الواحد بالجمع إذا كان ذلك الواحد رئيساً. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف الزاي والباقون بتشديدها والمراد {بالروح} الوحي أو القرآن فإنّ القلوب تحيا به من موت الجهالات وقوله تعالى: {من أمره} أي: بإرادته حال من الروح {على من يشاء من عباده} وهم الأنبياء {أن أنذروا} أي: خوّفوا الكافرين بالعذاب وأعلموهم {أنه}