للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمر تلا هذه الآية ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ [يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ] [١]﴾. الآية. فقال والله لئن واخذنا [٢] الله بهذا لنهلكن، ثم بكى ابن عمر حتى سمع [٣] نشيجه. قال ابن مرجانة: فقمت حتى أتيت ابن عباس، فذكرت له ما قال ابن عمر، وما فعل حين تلاها، فقال عبد الله بن عباس: يغفر الله لأبي عبد الرحمن؛ لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله ابن عمر، فأنزل الله بعدها ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا﴾ إلى آخر السورة. قال ابن عباس: فكانت هذه للوسوسة [٤] مما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الأمر إلى أن قضى الله ﷿ أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل.

(طريق أخرى) قال ابن جرير (١٧٤٠): حدّثني المثنى، حدثنا إسحاق، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، أن أباه قرأ: ﴿وَإِنْ [٥] تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ فدمعت عيناه، فبلغ صنيعه ابن عباس، فقال: يرحم الله أبا عبد الرحمن، لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله حين أنزلت، فنسختها الآية التي بعدها ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا﴾.

فهذه طرق صحيحة عن ابن عباس (*). وقد ثبت عن ابن عمر، كما ثبت عن ابن عباس.

قال البخاري (١٧٤١): حدثنا إسحاق، حدثنا روح، حدثنا شعبة عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل من أصحاب النبي أحسبه ابن عمر ﴿وَإِنْ [٦] تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ قال: نسختها الآية التي بعدها.

وهكذا روي عن علي وابن مسعود، وكعب الأحبار والشعبي، والنخعي ومحمد بن كعب القرظي، وعكرمة [٧] وسعيد بن جبير وقتادة: أنها منسوخة بالتي بعدها.

وقد ثبت بما رواه الجماعة في كتبهم الستة (١٧٤٢) من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى،


(١٧٤٠) - تفسير الطبري (٦/ ١٠٨) (٦٤٦٢).
(*) قد تكلم أهل العلم في رواية سفيان بن حسين عن الزهري، وضعفوها.
(١٧٤١) - صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن حديث (٤٥٤٦).
(١٧٤٢) - صحيح البخاري، كتاب الطلاق حديث (٥٢٦٩)، وصحيح مسلم، كتاب الطلاق حديث =