للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة اقتربت وهي مكية]

قد تقدم في حديث أبي واقد (١): أن رسول الله كان يقرأ بقاف واقتربت الساعة، في الأضحى والفطر، وكان يقرأ بهما في المحافل الكبار، لاشتمالهما على ذكر الوعد والوعيد، وبدء الخلق وإعادته، والتوحيد وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.

﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)

يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها، كما قال تعالى: ﴿أتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾، وقال: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾. وقد وردت الأحاديث بذلك، قال الحافظ أبو بكر البزار (٢): حدثنا محمد بن المثنى وعمرو بن علي قالا: حدثنا خلف بن موسى، حدثني أبي، عن قتادة، عن أنس أن رسول الله خَطَب أصحابَه ذات يوم، وقد كادت الشمس أن تَغْرُبَ فلم يبق منها إلا شفّ يسير، فقال: "والذي نفسي بيده، ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه" وما نرى من الشمس إلا يسيرًا".

قلت: هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العَمِّي، عن أبيه. وقد ذكره


(١) تقدم تخريجه في أوائل سورة "ق".
(٢) - خلف بن موسى: وثقه العجلي وابن خلفون، وقال الذهبي: صدوق. وموسى بن خلف العمي: وثقه العجلي ويعقوب بن شيبة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. واختلف فيه قول يحيى، فرُوي عنه أنه قال: ليس به بأس. وفي رواية: ضعيف. وقال أبو داود: ليس به بأس. ليس بذاك القوي. وقال الدارقطني: ليس بالقوي، يعتبر به. وضعفه ابن حبان. وقال ابن عدي: لا أرى بروايته بأسًا.
والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣١٤)، وقال: رواه البزار من طريق خلف بن موسى، عن أبيه، وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. ا هـ.