يقول تعالى مخبرًا عن نوح ﵇: إنه أرسله إلى قومه آمرًا له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم، فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم؟ ولهذا قال: ﴿أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١) قَال يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أي: بَيِّن النّذارة، ظاهر الأمر واضحه، ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ﴾، أي اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه، ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما آمركم به وأنهاكم عنه. ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾، أي: إذا فعلتم ما أمرتكم به، وصدقتم ما أرسلت به إليكم، غفر الله لكم ذنوبكم.
"ومن" هاهنا قيل: إنها زائدة. ولكن القول بزيادتها في الإِثبات قليل. ومنه قول بعض العرب:"قد كان من مطر". وقيل: إنها بمعنى "عن"، تقديره يصفح لكم عن ذنوبكم. واختاره [١] ابن جرير. وقيل: إنها للتبعيض، أي يغفر لكم الذنوب العظام التي [٢] وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام.
﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، أي: يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تنزجروا عما نهاكم عنه: أوقعه بكم.
وقد يستدل بهذه الآية من يقول: إن الطاعة والبر وصلة الرحم، يزاد بها في العمر حقيقة، كما ورد به [٣] الحديث: "صلة الرحم تزيد في العمر"(١).
(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٨/ ٣١٢) (٨٠١٤) من حديث أبي أمامة ﵁ وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٦٧٩)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ١١٨): إسناده حسن. ا هـ =