للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة "ن" وهي مكية]

﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧)

قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول "سورة البقرة"، وأن قوله: ﴿ن﴾ كقوله: ﴿ص﴾، ﴿ق﴾، ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور، وتحرير القول في ذلك بما أغنى عن إعادته. وقيل: المراد بقوله: ﴿ن﴾: حوت عظيم على تيار الماء العظيم المحيط، وهو حامل للأرضين السبع، كما قال الإِمام أبو جعفر بن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان -هو الثوري- حدثنا سليمان -هو الأعمش- عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق اللَّه القلم قال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدرَ. فجرى [١] بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة. ثم خلق "النون" ورفع بخار الماء، ففُتقت منه السماء، وبسطت الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون فمادت الأرض، فأثبتت [٢] بالجبال، فإنها لتفخر [٣] على الأرض.

وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أحمد بن سنان، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به [٤]. وهكذا رواه شعبة، ومحمد بن فُضَيل [٥]، ووكيع، عن الأعمش، به. وزاد شعبة في روايته: ثم قرأ: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾. وقد رواه شريك، عن الأعمش؛ عن أبي ظبيان [٦]-أو مجاهد- عن ابن عباس، فذكر نحوه. ورواه معمر، عن الأعمش: أن ابن عباس [قال .... فذكره] [٧]، ثم قرأ: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾. ثم قال ابن


(١) تفسير الطبري (٢٩/ ١٤)، وفي التاريخ (١/ ١٧)، والحاكم وصححه (٢/ ٤٩٨)، والبيهقي في الأسماء والصفات (حديث ٨٠٤)، وفي السنن (٩/ ٣)، والآجري في الشريعة (١٧٨، ١٧٩)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٨٧). لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر=