للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْتَسِبُونَ] [١] (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا [٢] وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾؛ ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ: ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾، أي: تستعجلون.

﴿قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)

يقول تعالى: ﴿قُلْ﴾: يا محمد لهؤلاء المشركين باللَّه الجاحدين لنعمه: ﴿أَرَأَيتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ؟﴾. أي: خَلّصوا أنفسكم، فإنه لا منقذ لكم من اللَّه إلا التوبة والإِنابة، والرجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال، فسواء عذبنا اللَّه أو رحمنا، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم.

ثم قال: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيهِ تَوَكَّلْنَا﴾، أي: آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم، وعليه توكلنا في جميع أمورنا، كما قال: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيهِ﴾، ولهذا قال: ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾، أي: منا ومنكم، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة.

ثم قال: ﴿قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾، أي: ذاهبًا في الأرض إلى أسفل، فلا يُنَال بالفئوس الحداد، ولا السواعد الشداد.

والغائر: عكس النابع؛ ولهذا قال: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾، أي: نابع سائح [٣] جار على وجه الأرض، لا يقدر على ذلك إلا اللَّه ﷿ فمن فضله وكرمه أنبع لكم المياه، وأجراها في سائر أقطار الأرض، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة، فله الحمد والمنة.

[آخر تفسير سورة الملك، وللَّه الحمد والمنة].

* * *


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- في ز: عملوا.
[٣]- في ز، خ: صالح.