يقول تعالى: ﴿أَرَأَيتَ﴾ -يا محمد- ﴿الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾، وهو: المعاد والجزاء والثواب، ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾، أي: هو الذي يقهر اليتيم ويظلمه حقه، ولا يطعمه ولا يحسن إليه، ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، كما قال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلَا يَحضُّونَ] [٢] عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ يعني: الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته.
ثم قال: ﴿فَوَيلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾، قال ابن عباس، وغيره: يعني المنافقين، الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر؛ ولهذا قال: ﴿لِلْمُصَلِّينَ﴾، أي: الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها [٣] شرعًا، فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق، وأبوالضحي.
وقال عطاء بن دينار: والحمد لله الذي قال: ﴿عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ ولم يقل في صلاتهم ساهون.
وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلي آخره دائمًا أو غالبًا [٤]. وإما عن أدائها بأركانها وشروطها علي الوجه المأمور به. وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها. فاللفظ يشمل هذا كله، ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية. ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي. كما ثبت في الصحيحين (١) أن رسول الله ﷺ؛ قال: "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب
(١) أخرجه مالك في موطئه في كتاب: القرآن، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، حديث =