للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان [١] قام فنقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا".

فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى، كما ثبت به النص إلي آخر وقتها، وهو وقت كراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئن ولا خشع فيها أيضًا؛ ولهذا قال: "لا يذكر الله فيها إلا قليلًا". ولعله إنما حمله على [٢] القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه الله، فهو إذًا لم يصلّ بالكلية. قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلًا﴾ وقال هاهنا: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾.

وقال الطبراني (٢): حدثنا يحيى بن عبد الله بن عبدويه [٣] البغدادي، حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن يونس، عن الحسن، عن ابن عباس، عن النبي قال: "إن في جهنم لواديًا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مرة، أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد: لحامل كتاب الله، وللمصدق في غير ذات الله، وللحاج إلي بيت الله، وللخارج في سبيل الله".

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا أبو نعيم، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة؛ قال: كنا جلوسًا عند أبي عبيدة فذكروا الرياء، فقال رجل يكني بأبي يزيد: سمعت عبد الله بن عمرو [٤]؛ يقول: قال رسول الله : "من سمّع الناس بعمله، سمع الله به سامع خلقه وحقره وصغره".

ورواه أيضًا عن غندر (٤) ويحيى القطان (٥) عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي … فذكره [٥].


= (٤٦) (١/ ١٩٢). ومسلم في كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالعصر، حديث (١٩٥/ ٦٢٢) (٥/ ١٧٢) كلاهما من حديث أنس بنحوه. ولم أقف عليه في البخاري.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٧٥) (١٢٨٠٣). قال الهيثمي (١٠/ ٢٢٥): رواه الطبراني عن شيخه محمد -كذا في المجمع والذي في الطبراني يحيى كما هنا في التفسير- ابن عبد الله بن عبدويه عن أبيه ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح. ا هـ.
(٣) مسند أحمد (٢/ ٢١٢) (٦٩٨٦).
(٤) وأخرجه أيضًا (٢/ ١٩٥) (٦٨٣٩).
(٥) المسند (٢/ ١٦٢) (٦٥٠٩). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٢٥): رواه الطبراني=