للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظلمتكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فذلك فضلي -أي الزائد على ما أعطتكم- أؤتيه من أشاء كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَينِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (٢٢٣).

[الوصايا بكتاب الله]

حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا مالك بن مِغْول، حدثنا طلحة بن مُصَرِّف قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي ؟ قال: لا. فقلْت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، ﷿ (٢٢٤).

وقد رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة، إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به (٢٢٥)، وهذا نظير ما تقدم عن ابن عباس: "ما ترك إلا ما بين الدفتين"، وذلك أن الناس كتب عليهم الوصية في أموالهم كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَينِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ (٢٢٦). وأما هو فلم يترك شيئًا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جَارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك ولم يوصِ إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرًا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ ولهذا لما هم بالوصية إلى أبي بكر ثم عدل عن ذلك فقال: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" (٢٢٧)، وكان كذلك، وإنما أوصى الناس باتباع كتاب الله تعالى.

من لم يتغنَّ بالقرآن وقول الله تعالى:

﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِمْ﴾ (٢٢٨).


(٢٢٣) -[الحديد: ٢٩، ٢٨].
(٢٢٤) - صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام، برقم (٥٠٢٢).
(٢٢٥) - رواه البخاري في الوصايا، باب: الوصايا … ، وفي المغازي، باب: مرض النبي، ، ووفاته برقم (٤٤٦٠، ٢٧٤٠)، ومسلم في الوصايا برقم ١٦ - (١٦٣٤)، والترمذي في الوصايا، باب: ما أن النبي، ، لم يوص برقم (٢١١٩)، والنسائي في الوصايا، باب: بل أوصى النبي، (٦/ ٢٤٠)، وابن ماجة في الوصايا، باب: هل أوصى رسول الله، برقم (٢٦٩٦).
(٢٢٦) -[البقرة: ١٨٠].
(٢٢٧) - رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٢١٧)، ومسلم في صحيحه برقم (٢٣٨٧) من حديث عائشة، .
(٢٢٨) -[العنكبوت: ٥١].