للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر سبب هذه البيعة العظيمة]

قال محمد بن إسحاق بن يَسَار في السيرة (٢٤): ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة، ليبلّغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشًا علي نفسي، وليس بمكة من بني عَديّ بن كعب من يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغِلَظي عليها، ولكني أدلك علي رجل أعَزّ بها مني، عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش، يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت، ومعظّمًا لحرمته.

فخرج عثمان إلى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة، أو قبل أن يدخلها، فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بَلّغ رسالة رسول الله فانطلق عثمان حتى أتى [١] أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطُفْ. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به [٢] رسول الله، . واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسولَ الله والمسلمين أن عثمان قد قُتل.

قال ابن إسحاق (٢٥): فحدثني عبد الله بن أبي بكر؛ أن رسول الله ، قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: "لا نبرح حتى نناجز القوم". ودعا رسول الله الناسَ إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم [٣] رسول الله، ، على الموت. وكان جابر بن عبد الله، يقول: إن رسول الله لم يبايعهم على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفرّ.

فبايع الناس ولم يتخلف أحد من المسلمين حضرها إلا الجَدّ بن قيس أخو بني سلمة [٤]، فكان جابر يقول: والله لكأني [٥] أنظر إليه لاصقًا بإبط ناقته، قد ضبَأ إليها [٦] يستتر [٧]


= وأصل الحديث في صحيح البخاري في الحج، باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، حديث (١٦٩٤، ١٦٩٥) وانظر أطرافه هناك.
(٢٤) - سيرة ابن هشام (٣/ ٢٧١).
(٢٥) - المصدر السابق (٣/ ٢٧٢).