للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه [نافع مولى ابن عمر] عنه، عن ابن الزبير (٢٦٧).

[اغتباط صاحب القرآن]

حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالًا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار" (٢٦٨).

انفرد به البخاري من هذا الوجه، واتفقا على إخراجه من رواية سفيان عن الزهري (٢٦٩).

ثم قال البخاري: حدثنا علي بن إبراهيم، حدثنا روح، حدثنا شعبة، عن سليمان: سمعت ذَكْوان، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل" (٢٧٠).

ومضمون هذين الحديثين: أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسن الحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال: غبطه يغبِطه -بكسر الباء- غبطًا: إذا تمنى مثل ما هو فيه من النعمة، وهذا بخلاف الحسد المذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا وهذا مذموم شرعًا، مهلك، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم، ، على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام. والحسد الشرعي الممدوح هو تمني مثل حال ذلك الذي هو على حالة سارة؛ ولهذا قال : "لا حسد إلا في اثنتين"، فذكر النعمة القاصرة وهي تلاوة القرآن آناء الليل والنهار، والنعمة المتعدية وهي إنفاق المال بالليل والنهار، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (٢٧١)، وقد روي نحو، هذا من وجه آخر، فقال عبد الله ابن الإِمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده: كتب إليّ


(٢٦٧) - مختصر زوائد البزار برقم ١٥٧٧، وكشف الأستار (٢٣٣٥)، ورواه الدولابي (١/ ٦٤ - ٦٥، ١٦٠)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٧٠) وقال: فيه محمَّد بن ماهان، قال الدارقطني: ليس بالقوي وبقية رجاله ثقات.
(٢٦٨) - رواه البخاري في فضائل القرآن من صحيحه، باب: اغتباط صاحب القرآن، برقم (٥٠٢٥).
(٢٦٩) - رواه البخاري في التوحيد، باب: (٤٥)، برقم (٧٥٢٩) ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها برقم ٢٦٦ - (٨١٥).
(٢٧٠) - رواه البخاري في فضائل القرآن من صحيحه، باب: اغتباط صاحب القرآن، برقم (٥٠٢٦).
(٢٧١) -[فاطر: ٢٩].