للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البخاري (١٦٧):

[تأليف القرآن]

حدَّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف: أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال؛ إني عند عائشة أم المؤمنين، ، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنَّة والنار، حتَّى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا، لقد نزل بمكة على محمد وإني لجارية ألعب: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ (١٦٨)، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلَّا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.

وهكذا رواه النَّسائي من حديث ابن جريج، به (١٦٩).

والمراد من التأليف هاهنا ترتيب سوره. وهذا العراقي سأل أولًا عن أبي الكفن خير، أي: أفضل، فأخبرته عائشة، ، أن هذا لا ينبغي أن يعتني بالسؤال عنه ولا القصد له ولا الاستعداد، فإن في هذا تكلفا لا طائل تحته، وكانوا في ذلك الزمان يصفون أهل العراق بالتعنت في الأسئلة، كما سأل بعضهم عبد الله بن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب، فقال عبد الله بن عمر: انظروا أهل العراق، يسألون عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله " (١٧٠).

ولهذا لم تبالغ معه عائشة، ، في الكلام لئلا يظن أن ذلك أمر مهم، وإلَّا فقد روى أحمد وأهل السنن من حديث سمرة وابن عبَّاس عن رسول الله قال: "البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم، فإنها أطهر وأطيب" (١٧١) وصححه


(١٦٧) - البخاري في فضائل القرآن، باب: تأليف القرآن برقم (٤٩٩٣).
(١٦٨) -[القمر: ٤٦].
(١٦٩) - سنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٨٧).
(١٧٠) - رواه البخاري في فضائل أصحاب النبي، ، من صحيحه، باب: فضائل الحسن والحسين برقم (٣٧٥٣).
(١٧١) - حديث سمرة في المسند ٢٠١٥٣ - (٥/ ١٠)، وأخرجه التِّرمِذي في كتاب الأدب، باب: ما جاء في لبس البياض (رقم: ٢٨١٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنَّسائي في كتاب الزينة، باب: الأمر بلبس البيض من الثياب (رقم: ٥٣٢٢، ٥٣٢٣) (٨/ ٢٠٥). وفي الكبرى في =