للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استدل القرطبي (١١٨) لابن جرير بصحة قول القائل: الحمد لله شكرًا] [١]ـ. وهذا الذي ادعاه [ابن جرير] [٢] فيه نظر؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية، والشكر لا يكون إلا على المتعدية، ويكون بالجنَان واللسان والأركان، كما قال الشاعر:

أفادتكم [٣] النعماء مني ثلاثة … يدي ولساني والضمير المحجبا

ولكنهم [٤] اختلفوا أيهما أعم، الحمد أو الشكر؟ على قولين، والتحقيق أن بينهما عمومًا وخصوصًا، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية، تقول: حمدته لفروسيته، وحمدته لكرمه، وهو أخص؛ لأنه لا يكون إلا بالقول. والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه [٥]؛ لأنه يكون بالقول والفعل [٦] والنية كما تقدّم، وهو أخص؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية، لا يقال شكرته لفروسيته. وتقول: شكرته على كرمه وإحسانه إليَّ. هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين، والله أعلم.

وقال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: الحمد نقيض الذم، تقول: حمدت الرجل أحمده حمدًا ومحمدة فهو حميد ومحمود، والتحميد أبلغ من الحمد، والحمد أعم من الشكر. وقال في الشكر: هو الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف، يقال: شكرته وشكرت له. وباللام أفصح.

[وأما المدح فهو أعم من الحمد؛ لأنه يكون للحي وللميت وللجماد أيضًا، كما يمدح الطعام والمكان ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان وبعده وعلى الصفات المتعدية واللازمة أيضًا فهو أعم] [٧].

[ذكر أقوال السلف في الحمد]

قال ابن أبي حاتم (١١٩): حدثنا أبي، حدَّثنا أبو معمر القطيعي، حدَّثنا حفص، عن حجاج عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال عمر : قد عَلِمنَا


(١١٨) - تفسير القرطبي (١/ ١٣٤).
(١١٩) - إسناده ضعيف لتدليس الحجاج بن أرطاة، والحديث في تفسير ابن أبي حاتم ١٢ - (١/ ١٤).