للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّينِ﴾ فقرأ بعضهم كذلك وهم طائفة، ومنهم من وصلها بقوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾ وكُسِرت الميم لالتقاء الساكنين وهم الجمهور. وحكى الكسائي من الكوفيين عن بعض العرب أنها تقرأ بفتح الميم وصلة الهمزة فيقولون: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢)﴾. فنقلوا حركة الهمزة إلى الميم بعد تسكينها كما قُرئ قوله تعالى: ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ﴾ قال ابن عطية: ولم ترد هذه قراءة عن أحد فيما علمت] [١].

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢)

[القراء السبعة على ضم الدال في قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ هو مبتدأ وخبر، وروي عن سفيان ابن عيينة، ورؤبة بن العجاج أنهما قالا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ بالنصب وهو على إضمار فعل. وقرأ ابن أبي عبلة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ بضم الدال والسلام إتباعًا للثاني الأول، وله شواهد لكنه شاذ. وعن الحسن وزيد بن علي ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ بكسر الدال إتباعًا للأوّل الثاني] [٢].

قال أبو جعفر بن جرير []: معنى [٣] ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ الشكر لله خالصًا دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد؛ في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاق منهم ذلك عليه، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه، في الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم، فلربنا الحمد على ذلك كله أولًا وآخرًا.

[وقال ابن جرير : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنه قال: قولوا: الحمد لله] [٤] قال: وقد قيل: إن قول القائل: [الحمد لله] [٥]، ثناء عليه [بأسمائه الحسنى وصفاته العلى] [٦]، وقوله: (الشكر لله) ثناء عليه بنعمه وأياديه. ثم شرع في ردّ ذلك بما حاصله: أن جميع أهل المعرفة بلسان العرب يوقعون كلًّا من الحمد والشكر مكان الآخر، [وقد نقل السلمي هذا المذهب أنهما سواء عن جعفر الصادق وابن عطاء من الصوفية.

وقال ابن عباس: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ كلمة كل شاكر.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٣]- في خ: "يعني".
[٤]- ما بين المعكوفَين سقط من: ز، خ.
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٦]- في ز، خ: "بأسمائه العلى وصفاته الحسنى".