للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة فاطر وهي مكية]

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (١)

قال: سفيان الثَّوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض، حتَّى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أنا بدأتها. فقال ابن عبَّاس أيضًا: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، بديع السموات والأرض (١).

وقال الضحاك: كل شيء في القرآن: فاطر السموات والأرض؛ فهو خالق السموات والأرض (٢).

وقوله: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾، أي: بينه وبين أنبيائه، ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾، أي: يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعًا ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾، أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، كما جاء في الحديث: أن رسول الله رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب (٣). ولهذا قال: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾.

قال السدي: يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء. وقال الزُّهْريّ، وابن جريج في قوله: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾، يعني: حسن الصوت. رواه عن الزُّهْريّ [١] البخاري في الأدب، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤).


(١) - رواه أَبو عبيد في فضائله ص (٣٤٥)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم (١٦٨٢) من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان، به. وأورده السيوطي في الدر (٥/ ٤٥٨) وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) - أخرجه ابن أبي حاتم كما عزاه إليه السيوطي في الدر (٥/ ٤٥٨).
(٣) - تقدم في سورة الإسراء.
(٤) - وأورده السيوطي (٥/ ٤٥٨) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في الشعب.