للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، ونقله ابن المنذر عن أبي وائل شقيق بن سلمة، والشعبي والحسن البصري ومكحول وقبيصة بن ذؤيب، وهو رواية عن إبراهيم النخعي، ويحكى عن أبي حنيفة، ، أن القراءة في الحمام تكره، وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة، ولوقيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبًا، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور؛ فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يُعلى، والله أعلم.

[تعليم الصبيان القرآن]

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم (٣١٩).

حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هُشَيْم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمعت المحكم في عهد النبي ، فقلت له: وما المحكم؟ قال: "المفصل" (٣٢٠).

انفرد بإخراجه البخاري، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول ، وقد كان جمع المفصل، وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره آنذاك عشر سنين.

وقد روى البخاري أنه قال: توفي رسول الله وأنا مختون (٣٢١). وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم، فيحتمل أنه تجوز في هذه الرواية بذكر العشر، وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.

وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبًا أو واجبًا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرًا، وأشد علوقًا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولًا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلًا قليلا، بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، ، أن يلقن خمس آيات خمس آيات،


(٣١٩) - البخاري في فضائل القرآن، باب: تعليم الصبيان القرآن برقم (٥٠٣٥).
(٣٢٠) - البخاري في فضائل القرآن، باب: تعليم الصبيان القرآن برقم (٥٠٣٦).
(٣٢١) - البخاري في الاستئذان، باب: الختان بعد الكبر ونتف الإبط برقم (٦٢٩٩).