للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، حدثنا عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، ، أنه كان يقول: قال رسول الله : "لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن"، وقال صاحب له: يزيد يجهر به فرد من هذا الوجه.

ثم رواه عن علي بن عبد الله بن المديني، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به (٢٢٩).

قال سفيان: تفسيره: يستغني به، وقد أخرجه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة (٢٣٠)، ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.

وهو، ، يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم، كما قالت عائشة، : سبحان الله الذي وسع سمعه الأصوات (٢٣١).

ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا كُنَّا عَلَيكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ الآية (٢٣٢)، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ كما دل عليه هذا الحديث العظيم، ومنهم من فسر الأذن هاهنا بالأمر، والأول أولى لقوله: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن" أي: يجهر به، والإذن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، وكما قال تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ (٢٣٣) أي استمعت لربها وحقت أي: وحق لها أن تستمع أمره وتطيعه، فالإذن هاهنا هو الاستماع؛ ولهذا جاء في حديث روااه ابن ماجة بسند جيد عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله : "لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته" (٢٣٤).


(٢٢٩) - رواه البخاري في فضائل القرآن، باب: من لم يتغن بالقرآن بقم (٥٠٢٣)، (٥٠٢٤).
(٢٣٠) - رواه مسلم في صلاة المسافرين برقم ٢٣٢ - (٧٩٢)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب: تزيين القرآن بالصوت ١٠١٨ - (٢/ ١٨٠).
(٢٣١) - رواه البخاري في صحيحه عقب حديث (٧٣٨٥) معلقًا، ورواه النسائي بلفظ: "الحمد لله … " في كتاب الطلاق، باب: الظهار ٣٤٦٠ - (٦/ ١٦٨)، وفي التفسير من الكبرى، وابن ماجه في المقدمة (١٨٨)، ورواه في الطلاق بلفظ: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، حديث (٢٠٦٣).
(٢٣٢) -[يونس: ٦١].
(٢٣٣) -[الانشقاق: ١ - ٥].
(٢٣٤) - رواه ابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: في حسن الصوت بالقرآن برقم (١٣٤٠)، من طريق رائد بن سعيد الرملي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، ثنا إسماعيل بن عبيد الله، =