للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول سفيان بن عيينة: إن المراد بالتغني: يستغني به، فإن أراد: أنه يستغني به عن الدنيا، وهو الظاهر من كلامه الذي تابعه عليه أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، فخلاف الظاهر من مراد الحديث؛ لأنه قد فسره بعض رواته بالجهر، وهو تحسين القراءة والتحزين بها.

قال حرملة: سمعت ابن عيينة يقول: معناه: يستغني به، فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به، ثم قال حرملة: وسمعت ابن وهب يقول: يترنم به، وهكذا نقل المزني والربيع عن الشافعي، .

وعلى هذا فتصدير البخاري الباب بقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٢٣٥)، فيه نظر؛ لأن هذه الآية الكريمة ذكرَت ردًّا عَلي الذين سألوا عن آيات تدل عِلى صدقه، حيث قال: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِمْ﴾ الآية (٢٣٦). ومعنى ذلك: أولم يكفهم آية دالة على صدقك إنزالنا القرآن عليك وأنت رجل أمي ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٢٣٧) أي: وقد جئت فيه بخبر الأولين والآخرين فأين هذا من التغني بالقرآن وهو تحسين الصوت به أو الاستغناء به عما عداه من أمور الدنيا، فعلى كل تقدير تصدير الباب بهذه الآية الكريمة فيه نظر.


= عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة بن عبيد به. وقال البوصيري: (١/ ٤٣٦) هذا إسنادٌ حسن لقصور درجة ميسرة مولى فضالة، وراشد بن سعيد عن درجة أهل الحفظ والضبط، ورواه الإمام أحمد في مسنده ٢٤٠٥٥، ٢٤٠٦٥ - (٦/ ١٩، ٢٠)، ورواه ابن حبان في صحيحه (٦٥٩) عن عبد الله بن محمد بن سالم، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الأوزاعي، به، ورواه الطبراني في الكبير ٧٧٢ - (١٨/ ٣٠١)، والحاكم في مستدركه (١/ ٥٧٠ - ٥٧١) إلا أنه أسقط من السند ميسرة مولى فضالة- وقال: صحيح على شرطهما. ا هـ. قال الذهبي: بل هو منقطع. ورواه البيهقي في الكبرى (١٠/ ٢٣٠) من طريق محمد بن عقبة بن كثير، عن الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي فذكره.
وميسرة مولى فضالة: ترجمه البخاري في التاريخ (٧/ ٣٧٥ - ٣٧٦) ولم وورد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وتبعه ابن أبي حاتم (٨/ ٢٥٣) ووثقه ابن حبان، ولكن في سماع إسماعيل منه نظر كما قال ابن حجر.
(٢٣٥) -[العنكبوت: ٥١].
(٢٣٦) -[العنكبوت: ٥٠ - ٥١].
(٢٣٧) -[العنكبوت: ٤٨].