وقوله: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)﴾، أي: بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة، فإنه إذا أمر تعالى بكون ذلك لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قهر كل شيء، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات.
يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح ﵇ أنه اشتكى إلى ربه ﷿[][١] ما لقي من قومه، وما صبر عليهم في تلك المدة الطويلة التي هي ألف سنة إلا خمسين عامًا، وما بيَّن لقومه و [٢] وضَّح لهم ودعاهم إلى الرشد والسبيل الأقوم، فقال: ﴿قَال رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيلًا وَنَهَارًا﴾: أي: لم أترك دعاءهم في ليل ولا نهار، امتثالًا [٣] لأمرك وابتغاءً لطاعتك، ﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إلا فِرَارًا﴾، أي كلما دعوتهم ليقتربوا من الحق فَرّوا منه وحَادُوا عنه، ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾، أي: سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ما أدعوهم إليه، كما أخبر تعالى عن كفار قريش: ﴿وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾.
= وفي الباب عن عبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود، وأم سلمة، ومعاوية بن حيدة ﵃ راجع الصحيحة للشيخ الألباني (١٩٠٨).