للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآزِفَةُ﴾، فإن النذير هو: الحذرُ لما يعانى [١] من الشر، الذي يخشى وقوعه فيمن [٢] أنذرهم، كما قال: ﴿[إِنْ هُوَ إلا] [٣] نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾.

وفي الحديث: "أنا النذير العريان" (٩٣). أي: الذي أعجله شدةُ ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئًا، بل بادر، إلى إنذار قومه قبل ذلك، فجاءهم عُريانًا مسرعًا، مناسب لقوله: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾، أي: اقتربت القريبة. يعني يوم القيامة، كما قال في أول السورة التي بعدها: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ قال الإمام أحمد:

حدثنا أنس بن عياض، حدثني أبو حازم [٤]- لا أعلم إلا عن سهل بن سعد- قال: قال رسول الله : "إياكم ومحقرات الذنوب! فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود، حتى أنضجوا خُبَزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" (٩٤).

وقال أبو حازم: قال رسول الله قال أبو ضَمْرَةَ: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: "مثلي ومثل الساعة كهاتين"- وفرق [٥] بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام- ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل فَرَسي رهَان"، ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طَليعةَ، فلما خشي أن يسبقَ ألاح بثوبه: أُتيتم أُتيتم". ثم يقول رسول الله "أنا ذلك" (٩٥). [وله شواهد] [٦] من وجوه أخر من صحاح وحسان، ولله الحمد والمنة، وبه الثقة والعصمة.

* * *


(٩٣) - أخرجه البخاري في كتاب: الرقاق، باب: الانتهاء عن المعاصى، حديث (٦٤٨٢) (١١/ ٣١٦). وطرفه في [٧٢٨٣]. ومسلم في كتاب: الفضائل، باب: شفقته على أمته، ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، حديث (١٦/ ٢٢٨٣) (١٥/ ٧٠).
(٩٤) - أخرجه أحمد (٥/ ٣٣١) (٢٢٩١٦) وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين.
(٩٥) - هو تتمة الحديث السابق عند أحمد، ولفظ "ومثلي ومثل الساعة كهاتين" أخرجه البخاري من طريق أبي حازم في كتاب: الطلاق، باب: اللعان، حديث (٥٣٠١) (١١/ ٤٣٩).