للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء، ولهذا قال تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ﴾ أي: اتبعوا كتابه ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أي: خذوا بسنته ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما تقدم في الحديث الصحيح (٥٨٣): " إنما الطاعة في المعروف". وقال الإِمام أحمد (٥٨٤): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أبى مراية، عن [] [١] عمران بن حصين، عن النبي قال: "لا طاعة في معصية الله".

وقوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله.

وهذا أمر من الله- ﷿ بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله وشهدا [٢] له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟ ولهذا قال تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ فدل على أن من لم [٣] يتحاكم في مجال النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنًا بالله ولا باليوم الآخر. وقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، والرجوع في فصل النزاع إليهما ﴿خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ أي: وأحسن عاقبة ومآلا، كما قاله السدي وغير واحد. وقال مجاهد: و [٤] أحسن جزاء. وهو قريب.

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا


(٥٨٣) - تقدم تخريجه هنا برقم (٥٧٤).
(٥٨٤) -" المسند" (٤/ ٤٢٦) وأخرجه الطبرانى فى "الكبير" (١٨/ ٧٥١) من طريق هدبة بن خالد ثنا همام به. وأخرجه أحمد أيضًا (٤/ ٤٢٧، ٤٣٦)، والطيالسى فى مسنده (٨٥٠) [ومن طريقه وطريق آخر البزار فى مسنده (٩/ ٣٥٩٩) "البحر الزخار"، والطبرانى (١٨/ ٥٧٠)، من طريق شعبة عن قتادة به. ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبى مراية هذا ذكره ابن حبان فى "الثقات" (٥/ ٣١) والحديث قد صح من طريق آخر وله شواهد، فراجع "الصحيحة" للألبانى (١/ ١٧٩: ١٨١).