للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: يكفي تكبيرة واحدة. فلعله أراد ركعة واحدة، كما قاله الإِمام [١]- أحمد بن حنبل وأصحابه، [وبه قال جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وكعب، وغير واحد من الصحابة، والسدي، ورواه ابن جرير] [٢]، ولكن الذني حكوه إنما حكوه على ظاهره [في الاجتزاء] [٣]، بتكبيرة واحدة، كما هو مذهب إسحاق بن راهويه، وإليه ذهب الأمير عبد الوهاب بن بخت المكي، حتى قال: فإن لم يقدر على التكبيرة [٤] فلا يتركها في نفسه، يعني بالنية. رواه سعيد بن منصور [في سننه] [٥]، عن إسماعيل بن عياش، عن شعيب ابن دينار، عنه. فالله أعلم.

ومن العلماء من أباح تأخير الصلاة لعذر القتال والمناجزة، كما أخر النبي، صلى الله عليه ومسلم، يوم الأحزاب صلاة العصر (٧٦٤)، قيل: والظهر، فصلاهما [٦] بعد الغروب، ثم صلي بعدهما المغرب، ثم العشاء، وكما قال بعدها، يوم بني قريظة، حين جهز إليهم الجيش: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" (٧٦٥) فأدركتهم الصلاة في أثناء الطريق، فقال منهم قائلون: لم يرد منا رسول الله، ، إلا تعجيل السير [٧]، ولم يرد منا تأخير الصلاة عن وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها في الطريق، وأخر آخرون منهم صلاة العصر فصلوها فما بني قريظة بعد الغروب، ولم يعنف رسول الله، ، أحدًا من الفريقين، وقد تكلمنا على هذا في كتاب السيرة، وبينا أن الذين صلوا العصر لوقتها أقرب إلى إصابة الحق في نفس الأمر، إن كان الآخرون معذورين أيضًا، والحجة هاهنا في عذرهم في تأخير الصلاة لأجل الجهاد والمبادرة إلى حصار الناكثين للعهد، من الطائفة الملعونة اليهود.


(٧٦٤) - رواه مسلم، كتاب: المساجد، ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطي هي صلاة العصر (٢٠٥) (٦٢٧) من طريق شُتَيْر بن شكل عن علي، قال: قال رسول الله يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر … " وقد رواه البخاري (٢٩٣١) ومسلم أيضًا وغيرهما من طرق عن علي وليس فيه تحديد الصلاة الوسطى.
(٧٦٥) - رواه البخاري، كتاب: الخوف، باب: صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً (٩٤٦)، وكتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وملم - من الأحزاب (٤١١٩)، ومسلم، كتاب: الجهاد والسير، باب: المبادرة بالغزو (٦٩) (١٧٧٠) من حديث عبد الله بن عمر".