للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعيم، عن مسلم بن مِخْراق، عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسًا يقرءون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرءوا ولم يقرءوا، كنت أقوم مع النبي ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه (٣٣٨).

الحديث الثاني: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ (٣٣٩): كان رسول الله، ، إذا نزل جبريل بالوحى، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه. وذكر تمام الحديث كما سيأتي، وهو متفق عليه، وفيه وفي الذي قبله دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هَذْرَمة (٣٤٠) ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ (٣٤١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي، ، قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْقَ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها" (٣٤٢).

وقال أبو عبيد: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين القرآن. قال: وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن (٣٤٣).


(٣٣٨) - حسن، الحارث بن يزيد: ثقة، وثقه أحمد، والنسائي وأبو حاتم، والعجلي. زياد بن نعيم: هو زياد بن ربيعة بن نعيم، ثقة، ومسلم بن مخراق: مولى عائشة حجازي نزيل مصر، مقبول -أي عند المتابعة-.
والحديث في المسند ٢٤٧٢١ - (٦/ ٩٢)، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٨/ ٢٥٧، ٢٥٨ / رقم: ٤٨٤٢) من طريق ابن لهيعة، والبيهقي في الصلاة من الكبرى (٢/ ٣١٠) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما من طريق الحارث بن يزيد، به، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ٢٧٢) وقال: "رواه أحمد وجاء عنده في رواية: يقرأ أحدهما القرآن مرتين أو ثلاثًا، وأبو يعلى، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام".
(٣٣٩) -[القيامة: ١٦]
(٣٤٠) - يقال: هذرم فلان، لمن أسرع في مشيته أو قراءته، أو كلامه، وهذرم القرآن أسرع في قراءته لا يتدبر معانيه.
(٣٤١) -[ص ٢٩].
(٣٤٢) - إسناده حسن، والحديث في المسند (٢/ ١٩٢)، ورواه أبو داود (١٤٦٤)، والترمذي (٢٩١٤)، والنسائي، وابن أبي شيبة (١/ ٤٩٨٠)، والحاكم (١/ ٥٥٢، ٥٥٣)، وابن حبان (١٧٩٠).
(٣٤٣) - فضائل القرآن (ص ١٥٧)، ورواه البخاري في خلق أفعال العباد (٢٦٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ٥٢٠)، وابن سعد (٦/ ٩٠)، وابن نصر (ص ١٢١)، والطبراني في الكبير (٩/ ٨٦٩٥)، وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٩٩)، والبيهقي (٥/ ٥٤).