للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ الآية، قالت: والذي ذكر الله أنَّه يتلى عليهم في الكتاب، الآية الأولى التي قال الله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾.

وبهذا الإسناد (٨٤١) عن عائشة قال: وقول الله ﷿: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾، رغبة أحدكم عن يتيمته التى تكون في حجره، حين تكون قليلة المال والجمال، فَنُهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهنّ.

وأصله ثابت في الصحيحين من طريق يونس بن يزيد الأيلي، به.

والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزويجها، فتارة يرغب في أن يتزوّجها، فأمره الله أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسَّع الله ﷿، وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة.

وتارة لا يكون للرجل [١] فيها رغبة لدمامتها عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه الله، ﷿، أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها، كما قال على ابن أبي طلحة (٨٤٢)، عن ابن عبَّاس [في الآية وهي] [٢] قوله: ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾: كان [٣] الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فاٍ ذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوّجها أبدًا، فإن كانت جميلة وهويها تزوِّجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدًا حتَّى تموت، فإذا ماتت ورثها. فحرم الله ذلك ونهى عنه.

وقال في قوله: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ﴾: كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات، وذلك كقوله [٤]: ﴿لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ﴾ فنهى الله عن ذلك، وبين لكل


(٨٤١) - تفسير ابن أبي حاتم (٤/ ٦٠٢٥)، ورواه البخارى، كتاب: الشَّرِكةَ، باب: شركة اليتيم وأهل الميراث (٢٤٩٤)، ومسلم، كتاب: التفسير (٦) (٣٠١٨) وكذا رواه أَبو داود (٢٠٦٨) والنسائى (٦/ ١١٥).
(٨٤٢) - رواه ابن جرير (٩/ ١٠٥٦٥)، وابن أبي حاتم (٤/ ٦٠٢٦) وزاد نسبته السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٠٩) إلى ابن المنذر.