وهذه [١] من الذنوب التي ارتكبوها، مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم، وكفرهم بآيات الله، أي: حججه وبراهينه، والمعجزات التي شاهدوها على يد الأنبياء ﵈.
وقوله [٢]: ﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله، فإنهم قتلوا جمًّا غفيرًا من الأنبياء، ﵈، وقولهم: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وقتادة وغير واحد: أي: في غطاء، وهذا كقول المشركين: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾، وقيل: معناه أنهم ادعوا أن قلوبهم غلف للعلم، أي: أوعية للعلم قد حوته وحصلته. رواه الكلبي (٩٠٩) عن أبي صالح، عن ابن عباس، وقد تقدم نظيره في سورة البقرة.
قال الله تعالى: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون اليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول؛ لأنها في غلف وفي أكنة، قال الله: بل هي مطبوع عليها بكفرهم. وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه، وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة.
﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ [٣] إِلَّا قَلِيلًا﴾ أي: مردت قلوبهم على الكفر والطغيان، وقلة الإيمان. ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ قال على بن أبي طلحة: عن ابن عباس: يعني [٤]: أنهم رمرها بالزنا.
وكذا [٥] قال السدي، وجويبر، ومحمد بن إسحاق، وغير واحد، وهو ظاهر من الآية أنهم رموها وابنها بالعظائم، فجعلوها زانية وقد حملت بولدها من ذلك، زاد بعضهم: وهي حائض، فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وقولهم: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾ أي: هذا الذي يدعى لنفسه
(٩٠٩) - هذا الإسناد ضعيف جدًّا، محمد بن السائب الكلبى منهم بالكذب وقد روى ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل (٧/ الترجمة ١٤٧٨) عن أبى عاصم النبيل قال: زعم لى سفيان الثورى، قال: قال لنا الكلبى: ما حدثت عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه. وروى عن أحمد بن أبى الحوارى عن مروان بن محمد قال: تفسير الكلبى باطل.