للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه الحاكم (١٢٦) من طريق سماك، عن عكرمة، وكذا [١] قال محمَّد بن كعب القرظى في سبب نزول هذه الآية، أنَّه [٢] في قتل الكلاب (١٢٧).

وقوله تعالى: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ يحتمل أن يكون حالًا من الضمير في علمتم؛ فيكون حالًا من الفاعل، ويحتمل أن يكون حالًا من المفعول، وهو الجوارح، أي: وما علمتم من الجوارح في حال كونهنّ مكلبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو [٣] أظفارها، فيستدل بذلك - والحالة هذه - على أن الجارحة إِذا قتل الصيد بصدمته أو بمخلابه وظفره - أنَّه لا يحل كما هو أحد قولى الشافعي، وطائفة من العلماء؛ ولهذا قال: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾، وهو أنَّه إِذا أرسله استرسل، وإِذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه، حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾. فمتى كان الجارح [٤] معلمًا، وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إِرساله - حَلَّ الصيد، وإِن قتله بالإِجماع.

وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين (١٢٨) عن عديّ بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله؛ إني أرسل الكلاب المعلمة، وأذكر اسم الله. فقال: "إِذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك". قلت: وإِن قتلن؟ قال: "وإِن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها؛ فإنك إِنما سميت على كلبك، ولم تسم على غيره". قلت له: فإِني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: "إِذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإِن أصابه بعرض فإِنَّه وقيذ؛ فلا تأكله". وفي لفظ لهما: "إِذا أرسلت كلبك؛ فاذكر اسم الله [٥]؛ فإن أمسك عليك فأدركته حيًّا فاذبحه، وإِن


(١٢٦) - لم أقف عليه في المستدرك فلعله في تصنيف آخر للحاكم، وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٤٥٩) وعزاه لابن جرير الطبرى وحده.
(١٢٧) - أخرجه الطبرى فى "تفسيره" (٩/ ٥٤٦) (١١١٣٦) عن عبد الله بن الزبير قال: حدثونا عن محمَّد بن كعب القرظى قال: لما أمر النبي بقتل الكلاب، قالوا: يا رسول الله، فماذا يحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ. . .﴾ الآية وشيخ ابن الزبير مبهم غير معروف.
(١٢٨) - تقدم رقم (٥٨).