للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينبغي لمسلم أن يذل نفسه". قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء ما [١]، لا يطيق".

وكذا رواه الترمذي وابن ماجة جميعًا عن محمد بن بشار، عن عمرو بن عاصم به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح [٢] غريب.

وقال ابن ماجة (٦١٣): حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيي بن عبيد الخزاعي، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا أبو معبد حفص بن غيلان الرعيني، عن مكحول، عن أنس بن مالك، قال: قيل: يا رسول الله: متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم". قلنا: يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: "الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رُذَّالكم". قال زيد: تفسير معنى قول النبي : "والعلم لي رُذَّالكم": إذا كان العلم في الفساق.

تفرد به ابن ماجة، وسيأتي في حديث أبي ثعلبة عند قوله: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ - شاهد لهذا إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

وقوله تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين. وقوله: ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ يعني بذلك: موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين، التي أعقبتهم نفاقًا في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سخطًا مستمرًّا إلى يوم معادهم، ولهذا قال: ﴿أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ فسر بذلك ما ذمهم به، ثم أخبر عنهم [٣] أنهم ﴿وَفِي الْعَذَابِ هُمْ [٤] خَالِدُونَ﴾ يعني: يوم القيامة.


(٦١٣) - سنن ابن ماجه كتاب الفتن، باب: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ حديث (٤٠١٥) ورواه أحمد في مسنده (٣/ ١٨٧) ثنا زيد بن يحيى الدمشقي قال: حدثنا أبو معبد فذكره. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٣/ ٢٤٤): هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات.
قلت: رجاله ثقات لكن مكحول ذكره ابن حجر في المدلسين (ص ١٥٦) في المرتبة الثالثة وهي مرتبة من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع كما نص عليه في المقدمة، وقد عنعن مكحول في هذا الإسناد، وله أعل العلامة الألباني الحديث في ضعيف ابن ماجه رقم (٨٧٠).