للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أحدهما): لا؛ لأنه قد يتهم [١] في حكمه على نفسه، وهذا مذهب مالك.

(والثاني): نعم؛ لعموم الآية، وهو مذهب الشافعي وأحمد.

واحتج الأولون: بأن الحاكم لا يكون محكومًا عليه في صورة واحدة.

قال ابن أبي حاتم (٧٢٩): حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا جعفر - هو ابن برقان - عن ميمون بن مهران: أن أعرابيًّا أتى أبا بكر فقال [٢]: قتلت صيدًا وأنا محرم فما ترى عليَّ من الجزاء؟ فقال أبو بكر لأبي بن كعب وهو جالس عنده: ما ترى فيما قال؟ فقال الأعرابي: أتيتك وأنت خليفة رسول الله أسألك فإذا أنت تسأل غيرك! فقال أبو بكر: وما تنكر؟ يقول الله تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ فشاورت صاحبي حتى [٣] إذا اتفقنا على أمر أمرناك به.

وهذا إسناد جيد لكنه منقطع بين ميمون وبين الصديق ومثله يحتمل هاهنا، فبين له الصديق الحكم برفق وتؤدة لما رآه أعرابيًا جاهلًا، وإنما دواء الجهل التعليم، فأما إذا كان المعترض منسوبًا [٤] إلى العلم فقد قال ابن جرير (٧٣٠):

حدثنا هناد وأبو هشام الرفاعي، قالا: حدثنا وكيع بن الجراح، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر، قال: خرجنا حجاجًا، فكنا إذا صلينا الغداة اقتدنا رواحلنا نتماشى [٥] نتحدث، قال [٦]: فبينما نحن ذات غداة إذ سنح لنا ظبي أو برح، فرماه رجل كان معنا بحجر فما أخطأ حشاه، فركب وودعه [٧] ميتًا، قال: فعظمنا عليه.

فلما قدمنا مكة خرجت معه حتى أتينا عمر بن الخطاب [قال] فقص عليه


(٧٢٩) - تفسير ابن أبي حاتم (٦/ ١٢٠٤، ١٢٠٧) (٦٨٠٥).
(٧٣٠) - تفسير ابن جرير الطبرى (١١/ ٢٤، ٢٥) (١٢٥٨٨)، ورواه أيضًا ابن جرير الطبري في تفسيره (١٢٥٧٣، ١٢٥٧٤، ١٢٥٧٥، ١٢٥٧٧) بألفاظ مختلفة، ورواه البيهقي في سننه (٥/ ١٨١) من طريقين عن عبد الملك بن عمير به، ورواه الحاكم في المستدرك (٣/ ٣١٠) والطبراني في الكبير (١/ ١٢٦) (٢٥٨)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٢٠٤) (٦٨٠٤)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٥٨١) وزاد نسبته لابن المنذر وصححه الحاكم على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبى.