للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تستطع أن تسأل ربك ﴿أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾.

والمائدة: هى الخوان عليه طعام، وذكر بعضهم: أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم، فسألوا أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها، ويتقوون بها [١] على العبادة.

﴿قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: فأجابهم المسيح قائلًا لهم: اتقوا الله ولا تسألوا هذا؛ فعساه أن يكون فتنة لكم، وتوكلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين.

﴿قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا﴾ أي: نحن محتاجون إلى الأكل منها ﴿وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾ إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السماء ﴿وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا﴾ أي: ونزداد إيمانا بك، وعلمًا برسالتك ﴿وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ أي: ونشهد أنها آية من عند الله، ودلالة وحجة على نبوّتك، وصدق ما جئت به.

﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾.

قال السدي: أي: نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا نعظمه نحن ومن بعدنا.

وقال سفيان الثوري: يعني: يومًا نصلي فيه.

وقال قتادة: أرادوا أن تكون لعقبهم من بعدهم. وعن سلمان الفارسي: عظة لنا ولمن بعدنا.

وقيل: كافية لأوّلنا وآخرنا

﴿وَآيَةً مِنْكَ﴾ أي: دليلًا تنصبه على قدرتك على الأشياء، وعلى إجابتك دعوتي، فيصدّقوني فيما أبلغه عنك ﴿وَارْزُقْنَا﴾ أي: من عندك رزقًا هنيئًا بلا كلفة ولا تعب ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ﴾ أي: فمن كذب بها من أمّتك يا عيسى وعاندها ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ أي: من عالمي زمانكم، كقوله [٢] تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾، وكقوله [٣]: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾.

وقد روى ابن جرير (٨٣٤): من طريق عوف الأعرابي، عن أبي المغيرة القوّاس، عن عبد الله


(٨٣٤) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١١/ ٢٣٣) (١٣٠٢٥) (١٣٠٢٦) وعوف الأعرابى هو عوف =