للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إشاح ووسادة إسادة.

وقال الرازي: وقيل: إنه مشتق من ألهت إلى فلان، أي: سكنت إليه، فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته؛ لأنه الكامل على الإطلاق دون غيره، قال الله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ قال: وقيل: من لاه يلوه إذا احتجب.

وقيل: اشتقاقه من أله الفصيل أولع بأمّه، والمعنى أن العياد مألوهون [١] مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال. قال: وقيل: مشتق من أله الرجل يأله إذا فزع من أمر نزل به، فألهه أي أجاره، فالمجير لجميع الخلائق من كل المضار هو الله سبحانه؛ لقوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ﴾ وهو المنعم لقوله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ المطعم لقوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ وهو الموجد؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ وقد اختار الرازي أنه اسم غير مشتق ألبتة، قال: وهو قول الخليل وسيبويه وأكثر الأصوليين والفقهاء.

ثم أخذ يستدل على ذلك بوجوه؛ منها: أنه لو كان مشتقًا لاشترك في معناه كثيرون.

ومنها: أن بقية الأسماء تذكر صفات له، فتقول: الله الرحمن الرحيم الملك القدوس. فدل على أنه ليس بمشتق، قال: فأما قوله تعالى: ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ﴾ على قراءة الجر فجعل ذلك من باب عطف البيان، ومنها قوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ وفي الاستدلال بهذه على كون هذا الاسم جامدًا غير مشتق نظر، والله أعلم

وحكى الرازي عن بعضهم أن اسم الله تعالى عبراني لا عربي، ثم ضعفه وهو حقيق بالتضعيف كما قال، وقد حكى الرازي هذا القول ثم قال: واعلم أن الخلائق قسمان؛ واصلون إلى ساحل بحر المعرفة، ومحرومون قد بقوا في ظلمات الحيرة وتيه الجهالة، فكأنهم قد فقدوا عقولهم وأرواحهم، وأما الواجدون فقد وصلوا إلى عرصة النور، وفسحة الكبرياء والجلال، فتاهوا في ميادين الصمدية، وبادوا في عرصة الفردانية، فثبت أن الخلائق كلهم والهون في معرفته، ورُوي عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه بفتح اللام وكسرها لغتان.

وقيل: إنه مشتق من الارتفاع، فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع: لاها. وكانوا يقولون: إذا طلعت الشمس: لاهت. وقيل: إنه مشتق من أله الرجل إذا تعبد، وتأله إذا تنسك. وقرأ ابن عباس ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ [٢] وأصل ذلك الإله فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة، فالتقت اللام التي هي [٣] عينها مع اللام الزائدة في أولها للتعريف، فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا


[١]- في اللسان: مولهون.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٣]- سقط من: ز، خ.