للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ كقوله تعالى: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ] [١]﴾.

وقوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. إنما قال: ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ أي: يقابلونك بعيون مصورة كأنها ناظرة وهي جماد، ولهذا عاملهم معاملة من يعقل؛ لأنها على صور مصورة كالإِنسان، وتراهم ينظرون اليك فعبر عنها بضمير من يعقل.

وقال السدي: المراد بهذا: المشركون، وروي عن مجاهد نحوه. والأول أولى. وهو اختيار ابن جرير، وقاله قَتَادة.

﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)

قال على بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس: قوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ يعني: خذ ما عفى [٢] لك من أموالهم، وما أتوك به من شئ فخذه. وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها، وما انتهت إليه الصدقات. قاله السدي.

وقال الضحاك: عن ابن عبَّاس: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ أنفق الفضل.

وقال سعيد بن جبير: عن ابن عبَّاس: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ قال: الفضل.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ أمره الله بالعفو والصفح عن المشركين عشر سنين، ثم أمره بالغلظة [٣] عليهم واختار هذا القول ابن جرير.

وقال غير واحد. عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ قال: من أخلاق الناس وأعمالهم [من غير تجسس] [٤].

وقال هشام بن عروة، عن أبيه: أمر الله رسوله، ، أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. وفي رواية قال: خذ ما عفي [٥] لك من أخلاقهم.


[١]- ما بين المعكوفتين من: ز، وفي ت: "الآية".
[٢]- في ز: "عفا".
[٣]- في ز: "بالغلظ".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "بغير تجسيس".
[٥]- في ز: "عفا".