للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انفرد بإخراجه البخاري، وقد رواه الطبراني (٤٢) في المعجم الكبير من حديث رافع بن خديج وهو خطأ، والصواب رواية البخاري، والله أعلم.

وفي الصحيحبن (٤٣) أن رسول الله، ، قال لعمر، لما شاوره في قتل حاطب بن أبي بلتعة: "إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله قد [١] اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".

قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. أي: وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى، ﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾، وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم، بدون ذلك؛ ولهذا قال ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا [٢] لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾، وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ [٣] [] [٤] الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾.

فهذه حكمٌ شَرَع الله جهاد الكفار بأيدي المؤمنين لأجلها، وقد كان تعالى إنما يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم تلك الأمة المكذبة، كما أهلك قوم نوح بالطوفان، وعادًا الأولى بالدّبُور، وثمود بالصيحة، وقوم لوط بالخسف والقلب وحجارة السجيل [٥]، وقوم شعيب بيوم الظلة، فلما بعث الله تعالى موسى، وأهلك عدوه فرعون وقومه بالغرق في اليم، ثم أنزل على موسى التوراة، شرع فيها قتال الكفار، واستمر الحكم في بقية الشرائع بعده على ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ﴾، وقتل المؤمنين للكافرين أشد إهانة [٦] للكافرين، وأشفى لصدور المؤمنين، كما قال تعالى للمؤمنين من هذه الأمة: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾.


(٤٢) - المعجم الكبير رقم ٤٤١٢ - (٤/ ٢٧٧).
(٤٣) - البخاري في الجهاد والسير، باب: الجاسوس، برقم (٣٠٠٧)، ومسلم في فضائل الصحابة، برقم (٢٤٩٤).