عن معاذ بن جبل: أن النبي ﷺ قال: "إن الشيطان كذئب الإنسان، كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعَامة والمسجد".
وقال عبد الرزاق (٤٦): عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: أدركت أصحاب النبي ﷺ وهم يقولون: إن المساجد بيوت الله في الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها.
وقال المسعودي: عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﵄ قال: من سمع النداء بالصلاة، ثم لم يجب و [١] يأتي المسجد ويصلي فلا صلاة له، وقد عصى الله ورسوله، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. الآية. رواه ابن مردويه.
وقد رُوي مرفوعًا من وجه آخر، وله شواهد من وجوه أخر، ليس هذا موضع بسطها. وقوله: ﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ﴾ أي: التي هي أكبر عبادات البدن ﴿وَآتَى الزَّكَاةَ﴾ أي: التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق وقوله [٢]: ﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ أي: ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾.
قال [على][٣] بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ يقول: من وحّد الله وآمن باليوم الآخر، يقول: من آمن بما أنزل الله ﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ﴾ يعني: الصلوات الخمس ﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ﴾ قوله: لم يعبد إلا الله. ثم قال: ﴿فَعَسَى أُولَئِكَ [أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ][٤]﴾ يقول تعالى: إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه ﷺ: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [يقول: إن ربك سيبعثك مقامًا][٥] محمودًا [٦] وهي الشفاعة، وكل عسى في القرآن فهي واجبة.