للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الثوري والأعمش، كلاهما عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن أبي قتادة؛ قال: قال عبد الله بن مسعود، : إن الصدقة تقع في يد الله ﷿ قبل أن تقع في يد السائل، ثم قرأ هذه الآية ﴿ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عبادة ويأخذ الصدقات".

وقد روى ابن عساكر في تاريخه (٢٢٩) في ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي، وأصله حمصي، وكان أحد الفقهاء، روى عن معاوية وخيره، وحكى عنه حوشب بن سيف السكسكي الحمصي؛ قال: غزا الناس في زمان معاوية؛ ، وعليهم عبد الرحمن، بن خالد بن الوليد، فَغَلَّ رجل من المسلمين مائة دينار رومية، فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير فأبى أن يقبلها منه، وقال: قد تفرق الناس، ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة. فجعل الرجل يستقرئ الصحابة فيقولون له مثل ذلك، فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبى عليه، فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي، فقال له: ما يبكيك؟ فذكر له أمره، فقال له [١]: [أمطيعني] [٢] أنت؟ فقال: نعم. فقال: اذهب إلى معاوية فقل له اقبل مني خُمسَك، فادفع إليه عشرين دينارًا، وانظر [] [٣] الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، وهو أعلم بأسمائهم ومكانهم، ففعل الرجل، فقال معاوية ؛ لأن أكون أفتيته بها أحب إلى من كل شيء أملكه، أحسن الرجل!

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)

قال مجاهد: هذا وعيد. يعني: من الله تعالى للمخالفين أوامره، بأن أعمالهم ستعرض عليه ، وعلى الرسول، ، وعلى المؤمنين، وهذا كائن لا محالة يوم القيامة: كما قال: ﴿يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية﴾، وقال تعالى: ﴿يوم تبلى السرائر﴾، وقال: ﴿وحُصِّل ما في الصدور﴾، وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس في الدنيا، كما قال الإمام أحمد:

حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي


(٢٢٩) - تاريخ دمشق (٩/ ٤٠١) "المخطوط".