للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أنس؛ أن رسول الله، ، قال: "لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بما يختم له، فإن العامل يعمل زمانًا من عمره - أو برهة من دهره - بعمل صالح لو مات عليه لدخل [١]، الجنة، ثم يتحول فيعمل عملًا سيئًا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملًا [٢]، صالحًا، وإذا أراد اللَّه بعبده خيرًا استعمله قبل موته". قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه". تفرد [به الإِمام] [٣] أحمد من هذا الوجه.

﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦)[التوبة: ١٠٦]

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وغير واحد: هم الثلاثة الذين خلفوا. أي: عن التوبة، وهم: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية، قعدوا عن [٤] غزوة تبوك فى جملة من قعد كسلاً وميلاً إلى الدعة والحفظ، وطيب الثمار والظلال، لا شكا ونفاقًا، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري كما فعل أبو لبابة وأصحابه، وطائفة لم يفعلوا ذلك، وهم هؤلاء الثلاثة المذكورون، فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء، وأرجئ هؤلاء عن التوبة حتى نزلت الآية الآتية، وهي قوله: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ الآية، ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ الآية، كما سيأتي بيانه فى حديث كعب بن مالك.

وقوله: ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٦] أي: هم تحت عفو اللَّه إن شاء فعل بهم هذا، وإن شاء فعل بهم ذاك، ولكن رحمته تغلب غضبه، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي: عليم بمن يستحق العقوبة ممن يستحق العفو، حكيم فى أفعاله وأقواله، لا إله إلا هو ولا رب سواه.

﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا


= رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
وطرفه الثاني رواه ابن المبارك في الزهد ٩٧٠. ورواه الترمذي في القدر ٢١٤٣. وابن حبان برقم ٣٣٥. والحاكم (١/ ٣٤٠) وصححه ووافقه الذهبى. ورواه ابن أبي عاصم في السنة (١/ ١٧٤) حديث ٣٩٣. وأبو يعلى حديث ٣٧٥٦، ٣٨٢٩، ٣٨٤٠ - (٦/ ٤١٠، ٤٤٣، ٤٥٢).