للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال [١] الإمام أحمد (٢٠): حدَّثنا أبو نعيم، حدَّثنا بشير بن المهاجر، حدّثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي فسمعته يقول: "تعلموا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة".

قال [٢]: ثم سكت ساعة ثم قال: "تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان (٢١)، أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه والخُلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويُكسى والداه حلتين لا يقوم [٣] لهما أهل الدنيا، فيقولان: بمَ كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذًّا [٤] كان أو ترتيلًا".

وروى ابن ماجة (٢٢) من حديث بشير بن المهاجر [] [٥] بعضه، وهذا إسناد حسنٌ على شرط مسلم؛ فإن بشيرًا هذا أخرج له مسلم ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس. إلا أن الإمام أحمد قال فيه: هو منكر الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هي تجيء بالعجب. وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه. وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي:


(٢٠) - الحديث في المسند برقم ٢٣٠٥٦ - (٥/ ٣٤٨)، ورواه الدارمي (٢/ ٣٢٤)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٩٢ - ٤٩٣)، ومن طريقه ابن الضريس في الفضائل (٩٩)، والعقيلي في الضعفاء (١/ ١٤٤)، والبيهقي في الشعب (١٨٣٥) وقال العقيلي: لا يصح في هذا الباب شيء -يعني: "وإن القرآن يلقى صاحبه"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٥٩) وقال: "وروى ابن ماجة منه طرفًا- رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح". وأخرجه ابن عدي في ترجمة بشير (٢/ ٤٥٤) وقال: ولبشير أحاديث غير ما ذكرت عن ابن بريدة وغيره، وقد روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه، وإن كان فيه بعض الضعف، وأورده الحافظ ابن طاهر في الذخيرة (٢/ ١١٥٧) وقال: وبشير لا يتابع على أكثر أحاديثه، وهو متروك الحديث. وقد رُوي من حديث ابن عباس، رواه ابن عدي في الكامل (٥/ ١٨٧٤) من طريق عاصم بن هلال، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعاصم ضعيف.
(٢١) - الغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها (النهاية ٣/ ٤٠٣).
(٢٢) - أخرجه ابن ماجة في كتاب الأدب، باب: ثواب القرآن (رقم: ٣٧٨١) من طريق علي بن محمد، عن وكيع، به. وبشير لم يرو له مسلم إلا حديثًا واحدًا في الحدود، وخالفه في سياقه سليمان بن بريدة.