للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصابهم فيها جهد شديد، حتى لقد ذكر لنا: أن الرجلين [١] كانا يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتداولون التمرة بينهم، يمصها هذا، ثم يشرب عليها، ثم يمصما هذا، و [٢] يشرب عليها، فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوتهم.

وقال ابن جرير (٢٨٠): حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عتبة بن أبي عتبة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة، فقال عمر بن الخطاب: خرجنا مع رسول الله، ، إلى تبوك في قيظ [٣] شديد، فنزلنا منزلاً فأصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، [حتى إن] [٤] كان [٥] الرجل [٦] [ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع] [٧]، [وحتى إن الرجل] [٨] لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده، فقال [٩] أبو بكر الصديق: يا رسول الله، إن الله ﷿ قد عودك في الدعاء خيرًا فادع لنا. فقال [١٠]: "تحب ذلك؟ " قال: نعم. فرفع يديه فلم يرجعهما حتى مالت السماء فأهطلت [١١]، ثم سكبت فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر.

وقال ابن جرير في قوله: ﴿لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة﴾ أي: من النفقة والظهر والزاد والماء ﴿من بعد ما كاد يزيغ [١٢] قلوب فريق منهم﴾ أي: عن الحق، ويشك في دين [رسول الله] [١٣]، ، ويرتاب بالذي [١٤] نالهم من المشقة والشدة في [سفره وغزوه] [١٥] ﴿ثم تاب عليهم﴾ يقول: ثم رزقهم الإنابة إلى ربهم، والرجوع إلى الثبات على دينه ﴿إنه بهم رءوف رحيم﴾.


(٢٨٠) - تفسير الطبري (١٤/ ٥٤١) رقم (١٧٤٢٩) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (١٧٠٧) "موارد" والحاكم في المستدرك (١/ ١٥٩) من طريق حرملة بن يحيى، ورواه البزار في مسنده كما في "كشف الأستار" (١٨٤١) من طريق أصبغ بن الفرج - كلاهما عن ابن وهب به، نحوه. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". قال المصنف في السيرة (٤/ ١٦): "إسناده جيد، ولم يخرجوه من هذا الوجه".