للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِيمَانًا﴾ أي: يقول بعضهم لبعض: أيكم زادته هذه السورة إيمانا، قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾.

وهذه الآية من أكبر الدلائل على أن الإيمان يزيد وينقص، كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء، بل قد حكى [الإجماع على ذلك - غيرُ واحد] [١] وقد بسط الكلام على هذه المسألة في أول شرح البخَاري .

﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ أي: زادتهم شكًّا إلى شكهم، وريبًا إلى ريبهم، كما قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾. و [قال تعالى] [٢]: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ وهذا من جملة شقائهم، أن ما يهدي القلوب يكون سببًا لضلالهم ودمارهم! كما أن سيئ المزاج لو غذي بما غذي به لا يزيده إلَّا خبالًا ونقصًا.

﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)

يقول تعالى: أو لا يرى هؤلاء المنافقون [٣] ﴿أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ﴾ أي: يختبرون ﴿فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ أي: لا يتوبون من ذنوبهم السالفة، ولا هم يذكرون فيما يستقبل من أحوالهم.

قال مجاهد: يختبرون بالسنة والجوع.

وقال قَتَادة: بالغزو في السنة مرة أو مرتين.

وقال شريك، عن جابر - هو الجعفي - عن أبي الضحى عن حذيفة [في قوله] [٤]: ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ قال: كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين، فيضل بها فئام من الناس كثير. رواه ابن جرير.


[١]- في ت: "غير واحد الإجماع على ذلك".
[٢]- في خ: "قوله".
[٣]- في خ: "المنافقين".
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.