للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسولًا أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم فقالوا: الله أعنطم من أن يكون رسوله بشرًا مثل محمد، قال: فأنزل الله ﷿ ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾.

و [١] قوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ اختلفوا فيه؛ فقال على بن أبي طلحة (٣)، عن ابن عباس في قوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يقول: سبقت لهم السعادة في الذكر الأول.

وقال العوفي (٤)، عن ابن عبَّاس: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يقول أجرًا حسنًا بما قدموا. وكذا قال الضحاك، والربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهذا كقوله تعالى ﴿قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣)﴾.

وقال مجاهد ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ قال: الأعمال الصالحة، صلاتهم وصومهم، وصدقتهم، وتسبيحهم. قال: ومحمد شفيع [٢] لهم. وكذا قال زيد بن أسلم ومقاتل بن حيان.

وقال قَتَادة: سلف صدق عند ربهم.

واختار ابن جرير قول مجاهد: إنها [٣] الأعمال الصالحة التي قدموها، [قال] [٤] كما يقال: له قدم في الإِسلام، [كقول حسان] [٥]:

لنا القدم العليا (*) إليك وخَلْفُنا … لأولِنا في طَاعةِ الله تابِعُ

وتول ذي الرمَّة:

لَكُمْ قدم لا يُنْكِرُ الناسُ أنَّها … مَعَ الحَسَب العادِي طَمَّتْ على البَحْرِ

وقوله تعالى: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾ أي: مع أنا بعثنا إليهم رسولًا منهم رجلًا من جنسهم بشيرًا ونذيرًا ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾ أي: ظاهر


(٣) - أخرجه ابن جرير (١١/ ٨٢) وابن أبي حاتم (٦/ ١٠١٩٦)، وابن المنذر وأَبو الشيخ، كما في "الدر المنثور" (٤/ ٥٣٥).
(٤) - إسناده ضعيف من أجل العوفي، وأخرجه ابن جرير (١١/ ٨١).
(*) في ابن جرير: "الأؤلى".