للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْعَالَمِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾، وقال خاتم الرسل وسيد البشر : ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي: من هذه الأمة، ولهذا قال في الحديث الثابت عنه (٨٢): " نحن - معاشر الأنبياء - أولاد علّات، و [١] ديننا واحد". أي: هو عبادة الله وحده لا شريك له وإن تنوعت شرائعنا، وذلك معنى قوله: "أولاد علّات"، وهم الإِخوة من أمّهات شتى والأب واحد.

وقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ﴾ أي: على دينه ﴿فِي الْفُلْكِ﴾ وهي السفينة ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ﴾ أي: في الأرض ﴿وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ﴾ أي: يا محمد؛ كيف أنجينا المؤمنين وأهلكنا المكذبين.

﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤)

يقول تعالى: ثم بعثنا من بعد [] [٢] نوح ﴿رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أي: بالحجج والأدلة والبراهين على صدق ما جاءوهم به ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: فما كانت الأم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم؛ بسبب تكذيبهم إياهم أول ما أرسلوا إليهم، كقوله تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.

وقوله: ﴿كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ﴾ أي: كما طبع الله على قلوب هؤلاء فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدم، هكذا يطبع الله على قلوب من أشبههم ممن [٣] بعدهم، ويختم على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.

والمراد أن الله تعالى أهلك الأمم المكذبة للرسل، وأنجى من آمن بهم، وذلك من بعد نوح


(٨٢) - أخرجه البخاري، كتاب: الأنبياء، باب: قول الله: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ (٣٤٤٢)، ومسلم، كتاب: الفضائل، باب: فضائل عيسى (١٤٣، ١٤٤، ١٤٥) (٢٣٦٥)، وأحمد (٢/ ٣١٩، ٤٣٧، ٤٦٣، ٤٨٢، ٥٤١) من حديث أبي هريرة.