للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسوة بإخوانك من الرسل قبلك، فإنهم كذبوا وأوذوا فصبروا حتى أتاهم نصر الله ﷿. ثم بين تعالى إعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع [البشر الإتيان] [١] بمثله، ولا بعشر سور مثله، ولا بسورة من مثله؛ لأن كلام الرب تعالى لا يشبهه [٢] كلام المخلوقين، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات، وذاته لا يشبهها شيء، تعالى وتقدس وتنزه، لا إله إلا هو ولا رب سواه.

ثم قال تعالى: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ أي: فإن لم يأتوا بمعارضة ما دعوتموهم [٣] إليه، فاعلموا أنهم عاجزون عن ذلك، وأن هذا الكلام منزل من عند الله، متضمنًا علمه وأمره ونهيه، ﴿وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)

قال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية (٢٩): إن أهل الرياء يعطون بحسناتهم في الدنيا، وذلك أنهم لا يظلمون نقيرًا، يقول: من عمل صالحًا التماس الدنيا؛ صومًا أو صلاة أو تهجدًا بالليل، لا يعمله إلا لالتماس [٤] الدنيا، يقول الله تعالى: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله لالتماس [٥] الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين.

وهكذا روي عن مجاهد والضحاك وغير واحد.

وقال أنس بن مالك (٣٠)، والحسن: نزلت في اليهود والنصارى.


(٢٩) - إسناده ضعيف، لضعف العوفي، أخرجه ابن جرير (١٢/ ١١)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٧٣٩).
(٣٠) - أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٢)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٠٧٣٦)، ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة قتادة، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٥٨٤) إلى أبي الشيخ وابن مردويه.