للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنه اتخذ له مركبًا من زجاج وهذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحته.

والذي نص عليه القرآن أنه قال: ﴿سآوي إلى جبل يعصمني من الماء﴾ اعتقد بجهله أن الطوفان لا يبلغ إلى رءوس الجبال، وأنه لو تعلق في رأس جبل لنجاه ذلك من الغرق، فقال له أبوه نوح : ﴿لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم﴾ أي: ليس شيء يعصم اليوم من أمر الله، وقيل: إن [١] عاصمًا بمعنى معصوم، كما يقال: طاعم وكاسٍ بمعنى مطعوم ومكسوّ ﴿وحال بينهما الموج فكان من المغرقين﴾.

﴿وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)

يخبر تعالى أنه لما غرق [٢] أهل الأرض كلهم [٣] إلا أصحاب السفينة، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تقلع عن المطر ﴿وغيض الماء﴾ أي: شرع في النقص ﴿وقضي الأمر﴾ أي: فرغ ميت أهل الأرض قاطبة، ممن كفر بالله و [٤] لم يبق منهم ديار ﴿واستوت﴾ السفينة بمن فيها ﴿على الجودي﴾ قال مجاهد: وهو جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت، وتواضع هو لله ﷿ فلم يغرق، وأرست عليه سفينة نوح .

وقال قتادة: استوت عليه شهرًا [٥] حتى نزلوا منها. قال قتادة: وقد أبقى الله سفينة نوح [على الجودي] [٦] [٧] من أرض الجزيرة عبرة وآية، حتى رآها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت وصارت رمادًا [٨].

وقال الضحاك: الجودي جبل بالموصل. وقال بعضهم: هو الطور.

وقال ابن أبي حاتم (٤٨): حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا محمد بن عبيد، عن توبة بن سالم [- ويقال أبو سالم -] [٩]، قال: رأيت زر بن حبيش يصلي في الزاوية


(٤٨) - تفسير ابن أبي حاتم (٦/ ١٠٨٨٩) ورجاله ثقات إلا توبة بن سالم - ويقال أبو سالم - لم يوثقه غير ابن حبان (٦/ ١٢١)، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ٤٤٦)، والبخاري في=