للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو براق الثنايا أجلى الجبين، ورأسه حبك حبك مثل المرجان، وهو اللؤلؤ كأنه الثلج، ورجلاه إلى الخضرة، فقال: يا لوط، ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ امض يا لوط، عن الباب ودعني وإياهم، فتنحى لوط عن الباب، فخرج إلىهم فنشر جناحه، فضرب به وجوههم ضربة شدخ أعينهم، فصاروا عميًا لا يعرفون الطريق، ولا يهتدون إلى بيوتهم ثم أمر لوط فاحتمل بأهله في ليلته قال: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾.

وروي عن محمد بن كعب وقتادة والسدي نحو هذا.

﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾

يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ وكان ذلك عند طلوع الشمس ﴿جَعَلْنَا عَالِيَهَا﴾ وهي سدوم ﴿سَافِلَهَا﴾، كقوله: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾ أي: أمطرنا عليها حجارة من سجيل، وهي بالفارسية حجارة من طين، قاله ابن عباس وغيره.

وقال بعضهم: أي: من سنك وهو الحجر، وكل وهو الطين، وقد قال في الآية الأخرى: ﴿حِجَارَةً مِنْ طِينٍ﴾ أي: مستحجرة قوية شديدة، وقال بعضهم: مشوية، وقال البخاري (٦٦): سجيل الشديد الكبير، سجيل وسجين، اللام والنون أختان، وقال تميم ابن مقبل:

وَرَجْلَة يَضْرِبُونَ البيضَ ضاحيةً … ضربًا تواصى [١] بهِ الأبطالُ سجينا

وقوله: ﴿مَنْضُودٍ﴾ قال بعضهم: منضودة في السماء، أي: معدة لذلك.

وقال آخرون: ﴿مَنْضُودٍ﴾ أي: يتبع بعضها بعضًا في نزولها عليهم.

وقوله: ﴿مُسَوَّمَةً﴾ أي: معلمة مختومة عليها أسماء أصحابها، كل حجر مكتوب عليه اسم الذي ينزل عليه، وقال قتادة وعكرمة: ﴿مُسَوَّمَةً﴾ مطوقة بها نضح من حمرة.

وذكروا أنها نزلت على أهل البلد وعلى المتفرقين في القرى مما حولها، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدث، إذ جاءه حجر من السماء فسقط عليه من بين الناس فدمره، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد حتى أهلكتهم عن آخرهم، فلم يبق منهم أحد.


(٦٦) - صحيح البخاري كتاب التفسير، سورة هود (١١)، باب: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾.
[١]- في ز، خ: تواصت.