للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ فهذه للأكل ﴿وَالْخَيلَ وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا﴾ فهذه للركوب.

وكذا روى من طريق سعيد بن جبير وغيره عن ابن عباس بمثله، وقال مثل ذلك الحكم [١] بن عتيبة [٢] [أيضًا ]، واستأنسوا بحديث رواه الإِمام أحمد في مسنده (٤).

حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب، عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد قال: نهى رسول الله عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير.

وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه: من حديث صالح بن يحيى بن المقدام وفيه كلام به.

ورواه أحمد (٥) أيضًا من وجه آخر بأبسط من هذا وأدل منه؛ فقال:

حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا سليمان بن سليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده المقدام بن معد يكرب قال: غزونا مع خالد بن الوليد الصائفة، فقرم [٣] أصحابنا إلى اللحم، فسألوني رمكة [٤] فدفعتها إليهم فحبلوها، فقلت: مكانكم حتى آتي خالدًا فأسأله. فأتيته فسألته، فقال: غزونا مع رسول الله غزوة خيبر، فأسرع الناس في حظائر يهود، فأمرني أن أنادي: الصلاة جامعة ولا يدخل الجنة [٥] إلا مسلم. ثم قال: "أيها الناس: إنكم قد أسرعتم في حظائر يهود، ألا لا يحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم لحوم الأَتُن الأهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير".

والرمكة: هي الحجرة، وقوله: حبلوها أي: أوثقوها في الحبل ليذبحوها، والحظائر: البساتين القريبة من العمران.

وكأن هذا الصنيع وقع بعد إعطائهم العهد، ومعاملتهم على الشطر، والله أعلم.

فلو صح هذا الحديث لكان نصًّا في تحريم لحوم [٦] الخيل، ولكن لا يقاوم ما ثبت في


(٤) - أخرجه أحمد (٤/ ٨٩) رقم (١٦٨٦٨). وأبو داود في كتاب الأطعمة، باب في أكل لحوم الخيل، حديث (٣٧٩٠) (٣/ ٣٥٢). والنسائي (٧/ ٢٠٢) كتاب الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحوم الخيل. وابن ماجة في كتاب الذبائح، باب: لحوم البغال، حديث (٣١٩٨) (٢/ ١٠٦٦).
وصالح بن يحيى بن المقدام: قال في الميزان: عن أبيه عن جده؛ قال البخاري: فيه نظر، وقال موسى بن هارون: لا يعرف. قلت: روى عنه ثور، ويحيى بن جابر، وسليمان. وقد وثق. ا. هـ وهذا الحديث ضعيف ضعفه الأئمة وعلة هذا الحديث أن خالد بن الوليد له يصح أنه شهد مع النبي أي مشهد قبل الفتح.
ثم إن الحديث يعارض حديث جابر: أن النبي أذن في لحوم الخيل. وهو حديث متفق عليه. وقال أبو داود والنسائي: إن هذا الحديث منسوخ. وضعفه الدراقطني والخطابي. وترجمه البيهقي فقال: باب: بيان ضعف الحديث الذي روي في النهي عن لحوم الخيل. وقال الشوكاني في نيل الأوطار أيضًا: إن خالد بن الوليد لم يسلم إلا بعد خيبر على الصحيح. قال السندي: قيل: اتفق العلماء على أنه حديث ضعيف، ذكره النووي. وذكر بعضهم أنه منسوخ. وقال بعضهم: لو ثبت؛ لا يعارض حديث جرير. سنن ابن ماجه (/ ١٠٦٦). والحديث ضعفه الألباني في ضعاف السنن المذكورة.
(٥) - أخرجه أحمد (٤/ ٨٩ - ٩٠) رقم (١٦٨٦٧).