للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام أحمد (٩): حدثني محمَّد بن عبيد، حدثنا عمر من آل حذيفة، عن الشعبي، عن دحية الكلبي قال: قلت: يا رسول الله، ألا أحمل لك حمارًا على فرس فتنتج لك بغلا فتركبها؟ قال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون".

﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)

لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية نبه على الطرق المعنوية الدينية، وكثيرًا ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية، كقوله [١] تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾، وقال تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ﴾.

ولما ذكر تعالى في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها، التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة، شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه، فبين أن الحق منها [ما هي] [٢] موصلة إليه، فقال: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾، كقوله [٣]: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾، وقال: ﴿قَال [٤] هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾.

قال مجاهد [في قوله] [٥]: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ قال: [طريق الحق على الله.

وقال السدي: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾] [٦] قال: الإِسلام.


(٩) - المسند (٤/ ٣١١) رقم (١٨٨٤٧)، وهو منقطع؛ ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥/ ٢٦٥) وقال: رجال أحمد رجال الصحيح خلا عمر بن حسيل من آل أبي حذيفة وثقه ابن حبان (٧/ ١٧١).
وعمر بن حسيل: قال ابن أبي حاتم: روى عن الشعبي حديثًا مرسلًا: أن دحية قال: يا رسول الله ألا ننزي الحمار على الفرس … الحديث (٦/ ١٠٣).
وقال البخاري في التاريخ (٦/ ١٤٧): قال إسحاق: أنا عيسى بن يونس، ثنا عمر بن حسيل، عن سعد بن حذيفة، عن الشعبي … مرسل. والحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب الجهاد، باب: في كراهية الحمر تنزى على الخيل (٣/ ٢٧ / ح ٢٥٦٥). من حديث علي بن أبي طالب. والنسائي في سننه في كتاب الخيل، باب: التشديد في حمل الحمير على الخيل (٦/ ٢٢٤). والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٧١). والبيهقي (١٠/ ٢٢ - ٢٣) من حديث على رضي الله تعالى عنه.
وفي الباب عن ابن عباس عند البيهقي (١٠/ ٢٣).