يقول تعالى: ﴿قُلْ﴾ يا محمد: [][١] لو كان ماء [٢] البحر مدادًا للقلم الذي تكتب به كلمات ربي وحكمه وآياته الدالة [٣] عليه، لنفد البحر قبل أن [يفرغ من][٤] كتابة ذلك ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾، أي: بمثل البحر آخر، ثم آخر، وهلم جرًّا، بحور تمده ويكتب بها، لما نفدت كلمات الله، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
قال الربيع بن أنس: إن مثل علم العباد كلهم في علم الله، كقطرة من ماء البحور كلها، وقد أنزل الله ذلك: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾.
يقول [٥]: لو كان البحر مدادًا، والشجر [كله أقلامًا][٦]، لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر، و [٧] بقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء؛ لأن أحدًا لا يستطيع [٨] أن يقدر قدره، ولا يثني عليه كما ينبغي، حتى يكون هو الذي يثني علي نفسه، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول [٩] إن مثل نعيم الدنيا؛ أولها وآخرها، في نعيم الآخرة كحبة من خردل في خلال الأرض كلها [١٠].
روى الطبراني (١٤٠) من طريق هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن قيس الكوفي، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان، أنه قال: هذه آخر آية أنزلت.
يقول تعالى لرسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: ﴿قُلْ﴾ لهؤلاء المشركين المكذبين
(١٤٠) أخرجه الطبراني في الكبير - (٩٢١) (١٩/ ٣٩٢). وابن جرير في تفسيره - (١٦/ ٤٠). وقال الهيثمي في "المجمع" - (٧/ ١٧)."رواه الطبراني ورجاله ثقات". وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" - (٤/ ٤٦٣) إلى ابن جرير وابن مردويه دون الطبراني.