للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن جرير (٤١): حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن منصور، سألت سعيد بن جبير، عن قوله: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ فقال: سألت عنها ابن عباس فلم يُحر (*) [١]- فيها شيئًا، والظاهر من هذا السياق أن: ﴿وَحَنَانًا﴾ معطوف علي قوله: ﴿وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ أي [٢]: وآتيناه الحكم وحنانًا، وزكاة، أي: وجعلناه ذا حنان وزكاة. فالحنان: هو المحبة في شفقة وميل، كما تقول العرب: حنت الناقة علي ولدها، وحنت المرأة علي زوجها، ومنه سميت المرأة حَنّة من الحَنَّة، وحنَّ الرجلُ إلي وطنِه، ومنه التعطُّف والرحمة. كما قال الشاعر:

تَحَنّنْ [٣] عَلَيّ هَدَاكَ الملَيكُ … فإن لكُلّ مقام مقالا

وفي المسند للإِمام أحمد (٤٢) عن أنس أن رسول الله، ، قال: "يبقي رجل في النار ينادي ألف سنة: ياحنان يامنان".

وقد يثني، ومنهم من يجعل ما ورد من ذلك لغة بذاتها. كما قال طرفة.

أبا منذرٍ أَفْنَيتَ فَاسْتَبْق بَعْضَنَا … حَنَانَيكَ [٤] بَعْض الشَّرِّ أَهْوَنُ من بَعض

وقوله: ﴿وَزَكَاةً﴾ معطوف على ﴿وَحَنَانًا﴾، فالزكاة الطهارة من الدنس والآثام والذنوب.

وقال قتادة: الزكاة العمل الصالح.

وقال الضحاك، وابن جريج: العمل الصالح الزكي.


(٤١) - لم أجده عند ابن جرير بهذا اللفظ، لكن ذكره السيوطي (٤/ ٤٧١)، وعزاه إليه.
(٤٢) - المسند (٣/ ٢٣٠) (٩٣٤٣٥)، قال: ثنا حسن بن موسى، ثنا سلام -يعني ابن مسكين- عن أبي ظلال، عن أنس بن مالك، عن الني قال: "إن عبدًا في جهنم، لينادي ألف سنة: با حنان يا منان، قال: ليقول الله ﷿ لجبريل : اذهب فائتني بعبدي هذا، فينطلق جبريل، فيجد أهل النار مكبين يبكون، فيرجع إلي ربه، فيخبره، فيقول: ائتني به، فإنه في مكان كذا وكذا، فيجيء به، فيوقفه علي ربه ﷿، فيقول له: يا عبدي كيف وجدت مكانك ومقيلك، فيقول: أي رب شر مكان، وشر مقيل، فيقول: ردوا عبدي، فيقول: يا رب، ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تردني فيها، فيقول: دعوا عبدي". سلام بن مسكين، قال أحمد: ثقة، كثير الحديث. وأبو ظلال، اسمه هلال بن أبي هلال القسملي، أو ابن أبي مالك، وهو ابن ميمون، وقيل غير ذلك في اسم أبيه، مشهور بكنيته، قال ابن معين: أبو ظلال ليس بشيء. وقال ابن حبان: كان =